المطامير إلى واسط، فماتوا بها، وكان عبد السلام المذكور مداخلًا للدولة، وكانت عنده كتب كثيرة، فبعث ابن يونس فكبس داره وأخرج منها كتبًا في فنون منها:"الشفا" لابن سينا، والنجاة، ورسائل إخوان الصفا، وكتب الفلاسفة والمنطق، وتسخير الكواكب، والنارنجيات، والسحر. فاستدعى ابن يونس - وهو يومئذ أستاذ الدار للخليفة -، العلماء والفقهاء والقضاة والأعيان، وكان جد السبط الشيخ أبو الفرج بن الجوزي منهم وقرئ من بعضها مخاطبة زحل يقول: أيها الكوكب المضيء المنير الفرد أنت تدير الأفلاك وتحيي وتميت وأنت إلهنا، وفي حق المريخ من هذا الجنس، وكان عبد السلام حاضرًا، فقال له ابن يونس: هذا خطك؟ قال: نعم. قال: لم كتبته؟ قال لأرد على قائله ومن يعتقده. فسألوه فيه فقال: لابد من حريق الكتب. فلما كان يوم الجمعة ثاني عشر صفر جلس قاضي القضاة [٢٩٩] والعلماء وفيهم ابن الجوزي على سطح المسجد المجاور لجامع الخليفة وأضرموا تحت المسجد نارًا عظيمة، وخرج الناس من الجامع فوقفوا على طبقاتهم والكتب على سطح المسجد بين أيديهم، فقام رجل يقال له ابن المارستانية فجعل يقرأ كتابًا كتابًا ويقول: العنوا من كتبه ومن يعتقده. فضج العوام باللعن وعبد السلام حاضر، وتعدى اللعن إلى الشيخ عبد القادر وأحمد بن حنبل فظهرت الأحقاد البدرية. وقال الخصوم أشعارًا منها قول المهذب الرومي ساكن النظامية.
لي شعر رق من دين ركن الد … ين عبد السلام لفظًا ومعنى
زحليًا يشنا عليَّا ويهوى … آل حرب حقدا عليه وضغنا
منحته النجوم إذ رام سعدًا … وسرورًا نحسا وهما وحُزنا
سار إحراق كتبه سير شعري … في جميع الأقطار سهلًا وحُزْنًا