للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تاريخ بيبرس: (١) ما نلخصه أنه كانت وقعه عظيمة بين التتار والخطا وذلك أنه لما فعل خوارزم شاه ما ذكرناه أولًا مضى مَنْ سلم من الخطأ إلى ملكهم فاجتمعوا عنده، وكانت طائفة عظيمة من التتار قد خرجوا من بلادهم من حدود الصين ونزلوا تركستان، وكان بينهم وبين الخطأ عداوة وحروب فلما سمعوا ما فعله خوارزم شاه بالخطا قصدوهم مع ملكهم كشْلي خان، فلما رأى ملك الخطأ ذلك أرسل إلى خوارزم شاه يقول له: أما ما كان منك من أخذ بلادنا [٣٠٧] وقتل رجالنا فمعفو عنه وقد أتانا من هذا العدو مالا قبل لنا به وأنهم إن انتصروا علينا وملكونا فلا دافع لهم عنك والمصلحة أن تسير إلينا بعساكرك وتنصرنا على قتالهم، ونحن نحلف لك أنا إذا ظفرنا بهم لا نقرب بلادك ونقنع بالمواقع التي تتركونها. فأجاب إني معك ومعاضدك على خصمك، فسار بعساكره حتى نزل قريبًا من الموضع الذي تصافوا فيه فلم يخالطهم مخالطة من يعلم أنه معه وكانت كل طائفة تظن أنه معها، وانهزم الخطا من التتار هزيمة عظيمة، فمال خوارزم شاه على الخطأ وجعل يقتل ويأسر فلم يترك أحدًا ينجو منهم فلم يسلم منهم إلا طائفة يسيرة مع ملكهم في ناحية من نواحي الترك ليس إليها طريق (٢) فتحصنوا فيها وانضم إلى خوارزم شاه منهم طائفة، وأنفذ خوارزم شاه إلى كشلي خان ملك التتار يمنّ عليه أنه لم يحضر إلا لمعاضدته ولولاه ما انهزم الخطا، فاعترف له كشلي خان بذلك مدة، ثم أرسل إليه يطلب مقاسمة بلاد الخطا ويقول له: إنا اتفقنا على إبادتهم فنقسم بلادهم لنا ولك. فأجابه بأنه ليس لك عندي إلا السيف ولستم أقوى من الخطا شوكة، قال: قنعت بالمساكته (٣)، وإلا سرت إليك وفعلت بك أكثر مما فعلتُ بالخطا.

وتجهز كشلي خان وسار حتى نزل قريبًا منهم، وعلم خوارزم شاه أنه لا طاقة له به فكان يراوغه فإذا سار إلى موضع قصد خوارزم شاه أهله وأثقاله فنهبها، وإذا سمع أن طائفة سارت عن مقطنهم (٤) سار إليها فأوقع بها، فأرسل إليه كشلي خان يقول له: هذا فعل الملوك! هذا فعل اللصوص. فإن كنت سلطان فألقني فإما أن تهزمني وتأخذ بلادي


(١) ورد هذا الخبر في الكامل، ج ١٠، ص ٣٣٩ - ص ٣٤٠.
(٢) "إلا من جهة واحدة" كذا في الكاملي، ج ١٠، ص ٣٤٠.
(٣) "المساكنه" كذا في الكامل، ج ١٠، ص ٣٤٠.
(٤) "موطنهم" كذا في الكامل، ج ١٠، ص ٣٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>