للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما أن أهزمك، فكان يغالطه ولا يجيبه إلى ما طلب، لكنه أمر أهل الشاش (١) وفرغانه (٢) وأسبيجاب (٣) وكأسان (٤) وما حولها من المدن التي لم يكن في الدنيا أنزه منها ولا أحسن عمارة - بالجلاء منها واللحاق ببلاد الإسلام ثم خربها جمعية خوفًا من التتار أن يملكوها، ثم اتفق خروج جنكيز خان علي كشلي خان فاشتغل به عن خوارزم شاه فعبر النهر إلى خراسان.

ومنها أن الملك العادل قصد مدينة عكا بعساكره الكثيره فصالحه صاحبها الفرنجي على إطلاق الأسرى من المسلمين وغير ذلك، ثم سار إلى بحيرة قدس وجاءته عساكر الشرق وديار الجزيرة ودخل بلاد طرابلس وحاصر موضعًا يسمى القليعات وأخذه صلحًا وأطلق صاحبه وغنم ما فيه من دواب وسلاح وخرّبه، وتقدم إلى طرابلس فنهب وأحرق وغنم فكانت مدة مقامه في بلد الفرنج اثني عشر يومًا، وعاد إلى بحيرة قَدَس وترددت الرسل بينه وبين الفرنج في الصلح فلم تستقر قاعدة، ودخل الشتاء وطلب العساكر الشرقية العود إلى بلادهم فترك طائفة من العسكر بحمص عند صاحبها وعاد إلى دمشق فشتى بها، وعادت عساكر الجزيرة إلى أماكنها. وقال الرشيد النابلسي يمدحه.

خشعت لهيئة مجدك الأبصار … وعنت لدولة ملكك الأمصار

ودنا لك الغرض البعيد وأصحب … الجد السعيد وواتت الأوطار [٣٠٨]

وتظافرت لك بالظهور على العدي … همم بها تتخاذل الأنصار

أمِنَ الحوادث مَنْ بساحتك احتمى … فكان جارك للمجرة جار

ووفى بذمتك الزمان وصَرْفُه … وهو المضيع زمامه الغدار

دانت لك السبع الشداد كأنما … بمرادك الفلك العِلِيُّ يُدار

فإذا رماح الخط نحوك أشرعت … فطوالها عما تروم قصار

وإذا الجياد ثنت إليك شكيمها … غلبت عليها كبوة وعشار


(١) الشاش: بلدة وراء النهر، ثم ما وراء نهر سيحون متآخمة لبلاد الترك، معجم البلدان، ج ٣، ص ٢٣٣.
(٢) فرغانة: مدينة وكورة واسعه بما وراء النهر متآخمة لبلاد تركستان. انظر، معجم البلدان، ج ٣، ص ٨٧٨، ص ٨٨٠، بلدان الخلافة، ص ٥٢٠.
(٣) اسبيجاب: إقليم وقصبه من أقاليم نهر سيحون، انظر بلدان الخلافة، ص ٥٢٧.
(٤) كاسان: مدينة كبيرة في أول بلاد تركستان وراء نهر سيحون وراء الشاش. انظر معجم البلدان، ج ٤، ص ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>