للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يدفع المرءُ ما يأتي به القدرُ … وفي الخطوب إذا فكرت معتبرُ

وليس يُنجي من الأقدار إن نزلت … رأي وحزم ولا خوف ولا حذر

فاستعمل الصبر في كل الأمور ولا … تجزع لشيء فعقبي صبرك الظفرُ

كم مسنا مرة عسر فصرّفه … صرف الزمان والي بعله يسُرُ

إلا ييأس المرء من روح الإله فما … ييأس منه إلا عصبة كفروا

إني لأعلم أن الدهر ذو دول … وأن يوميه ذا أمن وذا خطر. (١)

عبد المجيد (٢) بن أبي القاسم عبد الله بن زهير أبو محمد الحربي ابن أخي عبد المغيث الحربي. ولد سنة سبع وعشرين وخمسمائة، وسمع الحديث الكثير، وكان يتردد من عند الخليفة إلى العادل في أمور خفية فخرج في السنة الماضية فاجتمع بالعادل، وعاد في هذه السنة فتوفي بحماة وكان صالحًا ثقة.

أبو الثناء محمود (٣) بن هبة الله بن أبي القاسم الحلى البزاز، قرأ القرآن على ابن عساكر البطائحي، والأدب على أبي محمد بن الخشاب، وسمع الحديث على أبي الوقت، وحكي عن إسماعيل بن موهوب ابن الجواليقي قال: كنت في حلقة والدي أبي منصور موهوب يوم جمعة بعد الصلاة بجامع القصر والناس يقرؤون عليه فوقف عليه شاب فقال: يا سيدي ما معنى قول القائل:

وصل الحبيب جنان الخلد أسكنها … وهجره النار يصْليني به النارا

فالشمس بالقوس أمست وهي نازلة … إن لم يزرني وبالجوزاء إن زارا

فقال له والدي: يا بني هذا شيء يتعلق بسير الشمس في البروج وما يتعلق بعلم الأدب، ثم قام والدي وآلي على نفسه أن لا يعود إلى مكانه، ذلك حتى ينظر في علم النجوم ويعرف تسيير الشمس والقمر فنظر فيه وعلمه بحيث إذا سئل عن شيء منه أجاب. ومعنى الشعر أن الشمس إذا نزلت القوس يكون الليل في غاية الطول، وإذا كانت في الجوزاء كان الليل في غاية القصر. مات أبو الثناء محمود في هذه السنة. (٤)


(١) وردت هذه الأبيات في الجامع المختصر، ص ٢٤٤؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٥٦.
(٢) انظر ترجمته بالتفصيل، مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٥١؛ الذيل على الروضتين، ص ٦٢، الجامع المختصر، ج ٩، ص ٢٥٤.
(٣) انظر ترجمته في مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٥١؛ الجامع المختصر، ج ٩، ص ٢٥٥؛ الذيل على الروضتين، ص ٦٣.
(٤) الذيل على الروضتين، ص ٩٣، البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>