للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها (١) أن في يوم الجمعة تاسع المحرم دخل مملوك إفرنجي من باب مقصورة جامع دمشق وهو سكران، وفي يده سيف مسلول والناس جلوس ينتظرون صلاة الفجر، فمال في الناس يضربهم بسيفه ذلك، فقتل اثنين أو ثلاثة، وضرب المنبر بسيفه فانكسر، فأخذ وأودع بالمارستان وشنق في يومه ذلك على جسر اللبّادين.

ومنها أن الحافظ أبالخطاب عمر بن دحية لما عاد من رحلته الخراسانية قصد مجلس الوزير صفي الدين عبد الله بن على المعروف بابن شكر، وزير الملك العادل، وكان الشيخ العلامة تاج الدين الكندي جالسًا إلى جانبه، فأجلس ابن دحية من الجانب الآخر، فشرع ابن دحية يُورد حديث الشفاعة، فلما وصل إلى قول إبراهيم الخليل عليه السلام أيما كنت خليلًا من وراء وراء، لَفَظَ باللفظتين بفتح الهمزة، فقال الكندي: وراء وراء بالضم، فعز ذلك على ابن دحية، وكان جريئًا ذا أنفة من الرد عليه، فقال للوزير: من ذا الشيخ؟ قال: هذا تاج الدين الكندي، فتسمح ابن دحية في حقه بكلمات، فلم يُسمع من الكندي إلا قوله: هو من كلب فنبح، وهذه تورية حسنة بلفظ حلو، وذلك أن دحية كان [٣١٩] ينتسب إلى بني كلب من العرب، وهي قبيلة دحية بن خليفة الصحابي - رضى الله عليه- وفي صحة الانتساب إليهم كلام ونظر، فإن جماعة من العلماء المتقدمين قالوا: إنه لم يعقب، ووقع الناس في أبي الخطاب بسبب ذلك حتى قال بعضهم:

دحية لم يعقب فلا تنتسب … إليه بالبهتان والإفك

ما صح عند الناس شيء سوى … أنك من كلب بلا شك

فأخذ هذا الشاعر المعنى الذي أشار إليه الكندي بذلك اللفظ الوجيز.

قال أبو شامة (٢): وأم اللفظتان المتنازع فيهما فرأيت في أمالي أحمد بن يحيى ثعلب جوازة لأمرين فيهما والجر أيضًا.

وفيها ............................................... ..... (٣)


(١) البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٥٦؛ الذيل على الروضتين، ص ٦٤.
(٢) الذيل على الروضتين، ص ٦٥.
(٣) فراغ بمقدار سطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>