للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن كثير (١): وفيها أظهرت الباطنية الإسلام وإقامة الحدود على من يتعاطى الحرام، وبنوا الجوامع والمساجد، وكتبوا إلى إخوانهم بالشام في مصياث وأمثالها بذلك، وكتب زعيمهم جلال الدين إلى الخليفة يعلمه بذلك، وقدمت أمه إلى بغداد حاجَّةً فأكرمت وعظمت بسبب ذلك، ولكن لما كان الناس بعرفات ظفر واحد منهم على قريب لأمير مكة قتادة الحسنى فقتله ظاناً أنه قتادة، فثارت فتنة عظيمة بين سُودان مكة وركب العراق، ونهب الركب وقتل منهم خلق كثير.

وقال أبو شامة (٢): وفي هذه السنة نهب الحاج العراقي، وكانت ربيعة خاتون أخت الملك العادل في الحج، فلما كان يوم النحر بمني بعد ما رمى الناس الجمرة وثب شخص من الإسماعيلية على رجل شريف من بني عم قتادة أشبه الناس به وظن أنه إياه فقتله عند الجمرة، ويقال: إن الذي [كان] (٣) قتله مع أم جلال الدين وثار عبيد مكة [و] (٤) الأشراف وصعدوا على الجبلين وهللوا وكبروا وضربوا الناس بالحجارة والمقاليع والنشاب ونهبوا الناس يوم العيد والليلة واليوم الثاني، وقتل من الفريقين جماعة. وقال ابن أبي فراس لمحمد بن ياقوت أمير حاج العراق ارحلوا بنا إلى الزاهر منزلة الشاميين، فلما حصلت الأثقال على الجمال حمل قتادة أمير مكة والعبيد فأخذوا الجميع إلَّا القليل. وقال قتادة: ما كان المقصود إلَّا أنا. والله لا أبقيت من حاج العراق أحداً.

وكانت ربيعة خاتون بالزاهر ومعها ابن السلار وأخو سياروج وحاج الشام، فجاء محمد بن ياقوت أمير الحاج العراقي فدخل خيمة ربيعة خاتون مستجيرًا بها. ومعه خاتون أم جلال الدين، فبعثت ربيعة خاتون مع ابن السلار إلى قتادة تقول له: ما ذنب الناس، قد قتلت القاتل وجعلت ذلك وسيلة إلى نهب المسلمين واستحللت الدماء في الشهر الحرام في الحرم والمال، وقد عرفت من نحن، والله لئن لم تنته لأفعلن ولأفعلن. فجاء إليه ابن السلار فخوفه وهدده، وقال: ارجع عن هذا وإلَّا قصدك الخليفة من العراق ونحن من الشام فكف عنهم، وطلب مائة ألف دينار، فجمعوا له ثلاثين ألفاً من أمير


(١) البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٦٨؛ الكامل، جـ ١٣، ص ٣٥٦ - ص ٣٥٧.
(٢) الذيل على الروضتين، ص ٧٨.
(٣) ما بين حاصرتين إضافة من الذيل على الروضتين، ص ٧٨؛ المرآة، جـ ٨، ص ٣٦٣ - ٣٦٤.
(٤) "في" كذا في الأصل والمثبت من الذيل على الروضتين، ص ٧٨؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>