للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا (١) مبلغٌ عني الوجيه رسالة … وإن كان لا تجدى إليه الرسائل

تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل … وذلك لما أعوزتك المأكل

وما اخترت رأي الشافعي ديانة … ولكنما تهوى الذي هو حاصلُ

وعما قليل أنت لا شك صائرٌ … إلى مالك فافطن (٢) لما أنا قايل

وكان يحفظ شيئا كثيرا من الحكايات والأمثال والملحُ، ويعرف العربية والتركية والعجمية والرومية والحبشية والزنجية، وكانت له يد طولى في نظم الشعر فمن ذلك قوله:

ولو وَقَعَتْ في لجة البحر قطرةُ … من المزن يومًا ثم شاء لمازها

ولو ملك الدنيا فأضحى ملوكها … عبيدًا له في الشرق والغرب مازها

الأول من الميز وهو البيان والتفرقة، والثاني بمعنى الزهو والعجب.

وله في التجنيس أيضا قوله:

أطلت ملامي في اجتنابي لمعشر … طعام لئام جودهم غير مرتجا

تري بابهم لا بارك الله فيهم … على طالب المعروف أن جاء مرتجا

حموا مالهم والدين والعرض منهم … مباح فما أيخشون من هجو من هجا

إذا شرع الأجواد في الجود منهجا … فهم شرعوا في البخل سبعين منهجًا

الأول من الرجا، والثاني من الأرتاج وهو الإغلاق، والثالث من الهجو، والرابع من النهج وهو الطريق. وله مدائح حسنة وأشعار رائقة ويبتكر معاني فائقة وربما عارض شعر البحتري بما يقاربه ويدانيه، قالوا: وكان لا يغضب قط. تراهن جماعة مع واحد إن أغضبه، فجاء إليه فسأله عن مسألة [في (٣)] النحو (٤) فأجابه فيها فقال له السائل: أخطأت [٣٥٥] أيها الشيخ، فأعاد عليه الجواب بعبارة أخرى فقال له: أخطأت أيضًا.


(١) "فمن" كذا في الذيل على الروضتين، ص ٩١؛ البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٧٦.
(٢) "فانظر" كذا في البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٧٦.
(٣) "من" كذا في الأصل والمثبت من البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٧٦.
(٤) "العربية" كذا في البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>