للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقائلة لما عمرتُ وصار لي … ثمانون عاما عش كذا وابق واسلمِ

ودم وانتشق رُوح الحياة فإنه … بلا طب من بيت بصَعدة مظلم

فقلت لما عذرى لديك ممهد … ببيت زهير فاعلمي وتعلمي

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش … ثمانين حولا لا محالة يسأم

توفي في هذه السنة.

أبو الغنائم (١) سعيد بن حمزة بن أحمد ويقال له ابن ساروح، الكاتب النيلي العراقي ولد بالنيل (٢) سنة ثماني عشرة وخمس مائه، وسمع شيوخ ذلك العصر، وسافر إلى الشام والروم ومدح الملوك والأمراء، وذكره العماد في الخريدة وقال: قدم دمشق ومدح أمراءها وعاد إلى بغداد فكبر، وأسنّ وانقطع في بيته إلى آخر عمره، وكان بارعا وله رسائل و مكاتبات وأشعار رائقة، وألفاظ فائقة شائقة.

فمن شعره:

يا شايم البرق من نجدي كاظمة … يبدو مرارًا وتخفيه الدياجير

إذا سقيت الحيا من كل معصرة … وعاد مغناك خصبا وهو ممطور

سلم على الدوحة الغناء من سلم … وعفِّر الخَدَّ إن لاح التعافير

أحن شوقا إلى تلك الرياض وقد … ضاهي بنفسجُها وردٌ ومنثور

ومالت السرو في خضر الثياب كما … تمايلن في الحرير الأخضر الحور

والغصن سكران من طللِ الندى … فإذا دعى ابن ورقاء أضحى وهو مخمور

وهاتفات على الأغصان قد رقدت … عنهن في غسق الداجي النواطيرُ

فظلن يسجعن حتى كدت من ولهي … أقضى ولكنما في العمر تأخير

لكن وجدي بترجيع الهُديل وما … غردن باق إلى أن يفتح الصور

وكانت وفاته ببغداد في رمضان من هذه السنة.


(١) انظر مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٧٩؛ الذيل على الروضتين، ص ٩٩.
(٢) النيل: بليدة في سواد الكوفة قرب حلة بني مزيد يخترقها خليج كبير يتخلّج من الفرات الكبير حفره الحجاج بن يوسف وسماه بنيل مصر. انظر معجم البلدان، ج ٤، ص ٨٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>