للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ (١) تاج الدين الكندي، زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن سعيد بن عصمة بن حمير بن الحارث بن ذي رعين أبو اليمن، البغدادي المولد والمنشأ الدمشقي الدار، الشيخ الإمام العالم العلامة وحيد عصره ونسيج وحده.

ولد ببغداد ونشأ بها واشتغل وحصل ثم قدم دمشق ففاق أهل زمانه شرقا [٣٦١] وغربا في النحو والعربية وغير ذلك من فنون العلوم وعلو الإسناد، وحسن الطريقة والسيرة وصحة العقيدة والسريرة، انتفع به علماء عصره وخضعوا له وأثنوا عليه، وكان حنبليا ثم صار حنفيا، وكان مولده في اليوم الخامس والعشرين من شعبان سنة عشرين وخمسمائة، فقرأ القرآن بالروايات وله عشر سنين وسمع الحديث على الشيوخ الثقات وعنى بذلك وتعلم العربية واللغة واشتهر بذلك، ثم صار إلى الشام فسكن بدمشق بدرب العجم وحظي عند الملوك والوزراء والأمراء وتردد إليه العلماء والكبراء والملوك وأبناؤهم، وكان الأفضل ابن السلطان صلاح الدين وهو صاحب دمشق يتردد إليه وأخوه المحسن وكذلك المعظم في أيامه على ملك الشام، فنزل إليه إلى درب العجم فقرأ عليه في المفصل. وكان المعظم يعطى لمن حفظ المفصل ثلاثين دينارا جائزة، وكان يحضر مجلسه بدرب العجم جميع المصدرين بالجامع الشيخ علم الدين السنجاوي، ويحيى ابن معطي، والوجيه البُوني والفخر التركي وغيرهم. وكان القاضي الفاضل في أيامه يثني عليه. قال السخاوي: كان عنده من العلوم ما لا يوجد عند غيره. ومن العجيب أن سيبويه قد شرح عليه كتابه، وكان اسمه عمرو واسم الشيخ أبي اليمن زيد، فقلت في ذلك:

لم يكن في عهد عمرو مثله … وكذا الكندى في أخر عصره

وهما زيد وعمر وإنما … بني النحو على زيد وعمر

وأثنى عليه غير واحد من العلماء، منهم أبو المظفر سبط ابن الجوزي وقال (٢): قرأت عليه وكان حسن العقيدة ظريف الخلق لا يسأم الإنسان من مجالسته، وله النوادر العجيبة والخط المليح والشعر الرائق، وله ديوان كبير، وقال السبط في المرآة (٣): وفي هذه السنة


(١) انظر الكامل، جـ ١٠، ص ٣٧٠؛ الذيل على الروضتين، ص ٩٥ - ص ٩٩؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٧٨ - ص ٨١؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٧٧؛ المختصر في أخبار البشر، جـ ٣، ص ١١٧.
(٢) انظر قول السبط في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٧٧.
(٣) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>