للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطبة، ولما قتل أغلمش طمع الأتابك أزبك بن محمد صاحب أران (١) وأذربيجان والأتابك سعد بن زنكي صاحب فارس في بلاده لبعد السلطان عنهم وانشغاله بحرب الترك فرحل أزبك إلى العراق، فدخل أصبهان على مواطأة من أهلها، وجاء سعد إلى الرى فملكها وملك معها قزوين، وسمنان (٢) وخوار (٣)، وما يتاخمها وتطايرت الأخبار بها إلى السلطان علاء الدين وهو بسمرقند، فحركته همته واختار من عسكره مائة ألف فارس وترك معظم عسكره مع أكابر أمرائه وذوى الصيت من كبرائه ببلاد ما وراء النهر وثغور الترك، فلما وصل إلى قومس (٤) اختار من المستصحبين اختيارا ثانيا في اثني عشر ألف فارس، وخلى ثمانية وثمانين ألفًا في قومس ورحل إلى جبل بُزرك مخفا مستعجلا، وهو كورة من كور الري محدثة، وسعد بن زنكي بظاهرها فلما رأى سعد أوائل الجيش مشرفة عليه ظن أنهم من الأزبكية المنازعين في ملك العراق، ركب بنفسه وعسكره، وصدق القتال وتوالت عليهم الحملات، فحين شاهد السلطان علاء الدين خوارزم شاه الجد أمر بنشر الجتر (٥) والأعلام السلطانية، فعند ذلك تحقق سعد أنه السلطان فنزل وقبل الأرض فأخذه بعض من وصل إليه فكتفه وأحضره بين يدي السلطان، فأمر بالاحتياط عليه إلى أن يرى فيه رأيه فبقى مكتوفا وعلى البغل محمولا إلى أن وصل السلطان إلى همذان، وقضى فيها وطره، وكل يوم يلعب السلطان بالأكره بميدان همدان، فيحضرون سعدا ويقيمونه هناك إذلالًا به ومعه ملك يقال له نصرة الدين محمد بن بشتكين والصدر رتبة الدين أبو القاسم بن علي وزير أزبك بن البهلوان، وكان أسر أيضًا فلم يزل هؤلاء في الوثاق بذلة وإهانة إلى أن مَنّ السلطان عليهم وأطلقهم. ولما سمع أزبك بن البهلوان [٣٦٤] المذكور وهو بأصفهان ما حل بسعد بن زنكي أخذ به القيام والقعود وركب مسرعا وسار إلى أن قارب همدان معتقدًا أن السلطان مقيم بالرى فأخبر أن السلطان في همذان فسقط


(١) انظر جـ ٢، ص ٥٤، حاشية ٦.
(٢) انظر جـ ١، ص ٢٦٧، حاشية ٩.
(٣) خوار: مدينة كبيرة من أعمال الرى. انظر معجم البلدان، جـ ٢، ص ٤٧٩.
(٤) قومس: كورة كبيرة، تشمل على مدن وقرى ومزارع وهي في ذيل جبال طبرستان وهي بين الري ونيسابور. معجم البلدان، ج ٤، ص ٢٠٣.
(٥) الجتر: هي المظلة، وهي قبة من حرير أصفر مزركش بالذهب على أعلاها طائر من فضة مطلية بالذهب، تحمل على رأسه في العيدين.
صبح الأعشى، ج ٤، ص ٧، ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>