للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلبه، فاستشار أصحابه فأشار بعضهم بالعود إلى أصفهان وبعضهم بالعود إلى أذربيجان مخفّين تاركين الأثقال وبعضهم أشار بالتحصين في قلعة قزوين وكانت قريبة، فقال أخاف من الحصار واتفقوا على أن يَروح معظم جيشه مع نصرة الدين محمد بن بشتكين. وكان قد حضر إليه بعد خلاصه من الأسر إلى صوب تبريز، ويروح أزبك مع مانتي فارس من خواصه في طريق آخر قريبة إلى تبريز ولكنه مسالك وعرة فأرسل أزبك وزيره وهو أيضا حضر إليه بعد خلاصه من أسر السلطان علاء الدين كما قد ذكرناه إلى السلطان يعتذر عما صدر منه فلما ساروا على هذا الوجه وقع بالوزير المذكور الأمير دكجك السلحدار في نواحي مازندران ليلًا فتبعه إلى موضع يقال له ميانج، وهي كورة من كور أذربيجان على حافة النهر الأبيض، ثم أسره وأسر من معه، وكان السلطان في همدان كما ذكرنا ولم يزل الوزير في أسر السلطان إلى أن رجع نصير الدين دولت يار من عند أزبك، وكان يتولى منصب الطغرا (١) للسلطان وهو من المناصب الجليلة عندهم ولكنه دون كتابة الإنشاء، وكان السلطان أرسله إلى أزبك وأمره بإقامة الخطبة باسمه في سائر مملكته، وأن يحمل كل سنة إلى الخزانة السلطانية مالا معينًا عيّنه السلطان وأن تكون السكة باسم السلطان، وأجاب أزبك إلى ذلك وخطب السلطان على منابر أرّان وأذربيجان إلى ما يلي دربند الشروان، ونصير الدين المذكور حاضر ثم أرسل إلى السلطان هدايا وتحفًا وسلم قلعة قزوين إليه خدمة، واعتذر في أمر حمل المال بأن الكرج استضعفوا جانبه واستولوا على أطراف بلاده ولا يحصِّل من بلاده إلا ما يقوم بحاله بعد جهد عظيم، فصدّقه السلطان على ذلك وعفى عنه المال ثم وجه السلطان رسولا إلى الكرج وحذرهم من الغارة على بلاد أزبك ومن التعرض إليه بالكلية، فإن بلاده صارت من جملة مماليك السلطان، وعاد رسول السلطان من عند الكرج ومعه رسولهم بتقادم من طرائف تلك البلاد، وبالسمع والطاعة ولكن الرسول ما أدرك السلطان إلا بعد عبوره نهر جيحون (٢).

وأما سعد بن زنكي صاحب فارس فإنه لما أسره السلطان كما ذكرنا انتصب مكانه ابنه نصرة الدين أبو بكر بالبذل فاستمال قلوب الأمراء بالبذل والإحسان فأذعنوا له


(١) الطغرا: ذكر الدكتور حسن الباشا أن الطغري عبارة عن وصل كان يوضع في عصر المماليك البحرية في مناشير الاقطاعات بين وصل الطرة والبسملة وترد فيه ألقاب السلطان. انظر الألقاب السلطانية، ص ٣٣.
(٢) نهر جيحون: نهر جيحون بقع في إقليم خوراسان ويص هذا النهر في بحر آرال (قديما بحيرة خوارزم) والبلاد الواقعة بين هذا النهر ونهر سيحون يطلق عليها بلاد ما وراء النهر. انظر بلدان الخلافة الشرقية، ص ٢١ - ص ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>