الرؤوس، ولما نزل طلب ظهير الدين والأعيان فركب إليه ظهير الدين فناوله جهان بهلوان توقيعا فلما قرأه أرسلوا وراء تاج الدين ملكا خان، وقيل له: قد ورد من الأبواب السلطانية توقيع يحتاج فيه إلى حضورك، فحضر في طائفة من خواصة فأدخل إلى بعض المخازن فإذا ببعض الزنود قد خرج ورأس تاج الدين بيده فوضعه جهان بهلوان في مخلاة ورجع للوقت وحمل إلى خزانة السلطان من خزائنه جواهر لم يسمع بمثلها قال [٣٦٧] أبو الفتح: ومن جملة ما فعل السلطان أنه سير إلى خوارزم برهان الدين محمد البخاري المعروف بصدر جهان رئيس الحنفية ببخاري وخطيبها، وكان عظيم الشأن يعيش تحت كنفه وإدرارات سلفه ما يقارب ستة آلاف فقيه، وكان كريما عالي الهمّة فأقام بخوارزم ممنوعًا من الإصدار والإيراد إلى أن تقاضاه الزمان بدينه فجرعه كأس حتفه، فقتل عند أحفال تركأن خاتون وأقام السلطان مقامه ببخاري في رئاسة الحنفية مجد الدين مسعود ابن صالح الفراوي أخا نظام الملك. ومن جملة ما فعل السلطان أنه سير شيوخ الإسلام بسمرقند إلى البلاد وهم: جلال الدين وابنه شمس الدين وأخوه أوحد الدين وكانوا سادات تلك البقاع، وكان أوحد الدين آية في علم الجدل يناظر العميدي، مات بنسا وانتقل جلال الدين إلى دِهِسْتان (١). وقال بيبرس في تاريخه: ولما عاد خوارزم شاه من العراق ووصل نيسابور ورد الخبر بموت مؤيد الملك قوام الدين والي كرمان فأضافها إلى غياث الدين تترشاه ابنه على ما فوضه إليه.
وقال أبو الفتح: وكان مؤيد الملك من جملة الرعاع فرفعه السلطان وساعده الزمان حتى بلغ إلى رتبة الملوك، وكان مبدأ أمره أنه كان ابن داية نصرة الدين محمد بن أنز صاحب زوزن فاختاره رسولا إلى الأبواب السلطانية في مهماته، فنصحه في الرسالة عدة مرات ثم سولت له نفسه تقبيح حال مرسله طمعا فيما كان يتولاء فقال للسلطان: إن الذي أرسلني فاسد العقيدة له باطن مع الباطنية. ولما رجع إلى مرسله قال له: إن السلطان يعتقد فيك أنك باطني وإني لأخشى عليك منه فخاف وانقطع إلى الإسماعيلية ببعض قلاعه المتاخمة لزوزن، ثم كتب قوام الدين المذكور إلى السلطان بصُورة الحال فأرسل السلطان إليه بأن يكون وزيرا في زوزن، ويجبي أموالها إلى الخزانة السلطانية،
(١) دِهستان: بلد مشهور في طرف مازندران قرب خوارزم وجرجان. انظر معجم البلدان، جـ ٢، ص ٦٣٣.