للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كرمان وكيش ومكران لولده غياث الدين تترشاه، وسلم مُلك العراق إلى ولده ركن الدين أبي الحارث غورصانجتي، وكان أحسن أولاده خلقًا وخُلقا وحظا، وكانت نوبة ذي القرنين تضرب له وقتي طلوع الشمس وغروبها، وكانت دَبادبها وآلاتها ذهبا، وأول يوم ضربها اختير لها سبعة وعشرون ملكا من أكابر الملوك وأولاد السلاطين، منهم ابن طغرل بك السلجوقي، وابن غياث الدين بن سام الغورى، وعلاء الدين صاحب باميان، وتاج الدين صاحب بلخ، وولده الأعظم صاحب ترمذ (١)، والملك سنجر صاحب بخاري وأمثالهم، وأعوزه اثنان لتمام العدة، فكمّلهم بابن أخيه أربوزخان والوزير نظام الملك.

وقال أبو الفتح المنشئ: استعمل السلطان خوارزم شاه لنوبة ذي القرنين التي تضرب سبع (٢) وعشرين دبدبة من الذهب، قد رصعت بأنواع الجواهر. وقال أبو الفتح: ومن جملة ما فعل خوارزم شاه بعد وصوله إلى ما وراء النهر أنه سير الملك تاج الدين ملكا خان صاحب أترار (٣) إلى مدينة نسا (٤)، ليقيم بها، وملكا خان هو أول من مال من الخطائية إليه، وكان ذا جمال، وقد قصد بتسييره إلى نسا دون سائر البلاد حتى يهلك فيها؛ لأنها وخيمة شديدة الأمراض ولم تزل الأنفس بها شاكية ولم يعش الترك بها إلا أدنى مدة في أنكد عيش، فأقام المذكور بها سنة أو أكثر مصابرًا للدهر على تصاريفه وأحسن إلى كل من ورد عليه، وأحبه أهل البلاد ومع هذا وافقه هواء نسا وماؤها خرقًا للعادة حتى ازداد حسنا بها. ولما بلغ ذلك خوارزم شاه وعلم أنه لم يبلغ غرضه سير إليه من خز رأسه.

وقال أبو الفتح: أخبره من حضر ذلك قال: كنا جلوسا عند ظهر الدين مسعود الشاشي وزير السلطان خوارزم شاه بنسا إذا أتاه آت وأخبره بأن جهان بهلوان قد نزل بدار السلطنة وكان أحد الطشتدارية (٥) عند السلطان ورفع قدره وأعطاه أمره، وعينه لحزّ


(١) ترمذ: مدينة مشهورة من أمهات المدن التي تقع على نهر جيحون من جانبه الشرقي، انظر معجم البلدان، ج ١، ص ٨٤٣.
(٢) "سبعة" في الأصل، والصحيح ما أثبتناه.
(٣) أنزار، وتكتب أُطْرار وهي مدينة حصينة وولاية واسعة في أول حدود الترك بما وراء النهر على نهر سيحون قرب فاراب. انظر معجم البلدان جـ ١، ص ٣١٠.
(٤) نسا: مدينة بخراسان بينها وبين سرخس يومان، وبينها وبين مرو خمسة أيام. انظر معجم البلدان، ج ٤، ص ٧٧٦.
(٥) انظر صبح الأعشى، ج ٤، ص ١٠، ص ١١؛ وانظر ما سبق جـ ١، ص ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>