للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مملوك عبد أسود اسمه ريحان، فخان في الأموال، وبلغ الخليفة فأخذه فأقرَّ وقال: المال عند أخت بهاء الدين، فعزل بهاء الدين عما كان إليه، فرأى الذل والهوان بعد العز والإمكان. ومرض بهاء الدين في تلك الحال، فولى الخليفة القاضي الزنجاني (١) أمر الرباط، وحمل بهاء الدين إلى بيت أخته على نهر عيسى، فتوفي ثامن رجب ودفن في الشونيزية في صُفَّة (٢) الجنيد (رضي الله عنه) عند أبيه، سمع شهدة [٣٧١] الكاتبة وابن البطي وغيرهما، وصحب أباه وأخذ عنه طريقة التصوف.

أبو إسحاق (٣) إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سُرور، الشيخ عماد الدين المقدسي، وكان أصغر من أخيه الحافظ عبد الغني بسنتين، وقدم معه إلى دمشق سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، ورحل إلى بغداد مرتين، وسمع الحديث، وكان عابدًا زاهدًا ورعا، كثير الصلاة كثير الصيام يصوم يوما ويفطر يوما، وكان فقيها مفتيا حنبليا له كتاب الفروع، وصَنَّف أحكاما ولم يتمه. صلي المغرب ذات ليلة وكان صائما، ثم رجع إلى بيته بدمشق فأفطر، ثم مات فجأة عشية الأربعاء سادس عشر ذي القعدة (٤) من هذه السنة، فغسل وقت السحر وأخرجت جنازته إلى جامع دمشق، فما وسع الناس الجامع وصلى عليه الموفق.

وقال أبو شامة (٥): كان يوما لم ير في الإسلام مثله، كان أول الناس عند مغارة الدم ورأس الجبل إلى الكهف، وآخرهم بباب الفراديس، ولولا المبارز المعتمد وأصحابه القطعوا أكفانه وما وصل إلى الجبل إلى آخر النهار.

وقال السبط (٦): ولما رجعت من جنازته فَكرتُ فيه فقلت: هذا كان رجلا صالحا، وربما إنه نظر إلى ربه حتى وضع في لحده، ومر بذهني أبيات [سفيان] (٧) الثوري التي سمع ينشدها في المنام:


(١) "الريحاني" في الذيل على الروضتين، ص ١٠٣؛ "التريحاني" في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٨٤.
(٢) "صفط" في الذيل على الروضتين، ص ١٠٣.
(٣) انظر ترجمته في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٨٥ - ٣٨٦؛ الذيل على الروضتين، ص ١٠٤ - ١٠٦.
(٤) "ذي الحجة" في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٨٦. بينما يتفق العيني مع أبي شامة، انظر الذيل على الروضتين، ص ١٠٤.
(٥) الذيل على الروضتين، ص ١٠٤.
(٦) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٨٦.
(٧) "سفين" في الأصل. والمثبت من مرآة الزمان، جـ ٢، ص ٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>