للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظرتُ إلى ربى كفاحًا وقال لي … هنيئا رضائي عنك يابن سعيد

فقد كنت قواما إذا أقبل الدجى … بعبرة مشتاق وقلب عميد

فدونك فاختر أي قصر أردته … فزرني فإني منك غير بعيد

وقلت: أرجو أن العماد يري ربه كما رآه سفين عند نزول حفرته. ونمت فرأيت العماد في النوم وعليه حلة خضراء وعمامة خضراء وهو في مكان متسع كأنه روضة وهو يرقى في درج مرتفعة فقلت: يا عماد الدين كيف بت؟! فإني والله مفكر فيك. فنظر إلى وتبسم على عادته وقال:

رأيت إلاهي حين أنزلت حفرتي … وفارقت أصحابي من أهلي وجيرتي

فقال جزيت الخير عني فإنني … رضيت فها عفوي لديك ورحمتي

دأبت زمانا تأمل الفوز والرضى … فوقيت نيراني ولقيت جنتي

فانتبهت مرعوبًا وكتب الأبيات.

قال: وكان الشيخ الموفق يثني عليه وكان يقول: أعرف العماد من صغره وما عرفت أنه عصى الله تعالى قط وما رأيت أشد خوفا منه لله تعالى. قال السبط (١): وكان يحضر مجالسي دائما بجامع دمشق وقاسيون لا ينقطع إلا من عذر. ويقول صلاح الدين يوسف: فتح الساحل وأظهر الإسلام وأنت يوسف أحييت السنة بالشام. وكان يزورني وينبسط إلى ويحبني ويفرح بمجالستي. ورثاه جماعة منهم الصلاح موسى بن الشهاب فقال: وأنشدني إياها:

الحمد لله في كل الأمور فما … يفضى الإله علينا فهو مقبول

ترضى بما جاءنا منه ونشكره … على الرؤوس قضاء الله محمول [٣٧٢]

يا شيخنا (٢) يا عماد الدين قد قرحت … عيني وقلبي منك اليوم متبول

أوحشت والله ربعا كنت تسكنه … لكنه الآن بالأحزان مأهول

كم ليلة بت تحييها وتسهرها … والدمع من خشية الله مسبول


(١) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٨٥.
(٢) الذيل على الروضتين، ص ١٠٥؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>