للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوجه الملك الأفضل إلى شميساط ولم يتحرك بعدها في طلب مُلك إلى أن مات سنة اثنتين وعشرين وستمائة - كما سنذكره إن شاء الله تعالى.

وعاد الملك الأشرف إلى حلب وبلغه وفاة أبيه العادل.

وفي تاريخ (١) بيبرس: وفي هذه السنة سار عز الدين كيكاوس ملك الروم إلى ولاية حلب قصدا للتغلب عليها، ومعه الأفضل بن صلاح الدين، وسبب ذلك أنه كان بحلب رجلان شريران ساعيان في أذية الناس، فكرههما الناس، فخرجا من حلب وتوجها إلى كيكاوس وحسنا له أخذ حلب وبلادها، وأنه لن يقوم في وجهه أحد، فأشير عليه إن لم يكن معه أحد من بيت أيوب لم يصل إلى شيء من البلاد. وكان الأفضل بن صلاح الدين بن أيوب في طاعته، فأرسل إليه وطلب حضوره معه ليفتح به البلاد، ويكون له جميع ما يفتحانه منها، ولا يكون لكيكاوس سوى الخطبة. وحسن هذا الأمر للأفضل، وصاحب حلب ملازم القلعة لا ينزل منها ساعة، وقد جمع العساكر والعرب وخاف من أهل البلد أن يخرجوا إلى الأفضل ويصيروا معه، فأرسل العزيز صاحب حلب إلى الأشرف بن العادل يستدعيه ويستنجده.

وأما كيكاوس فإنه سار إلى أن أخذ قلعة رعبان، ولم يعط الأفضل منها شيئا، ففترت نيته عن قصد البلاد وأخذها، وسير كيكاوس جاليشه إلى حلب فكسره جاليش العزيز، فمضى على وجهه من هناك، وأسرت العرب من خيانتهم ورجالتهم كثيرًا وغنموا أكثر قماشهم. وكان كيكاوس صغير السن قليل الخبرة بالحرب، فوصل إليه بعض جيوشه المنهزمين فأغلق عليهم دارا فأحرقها ثم اتفق أنه هلك واستعاد الأشرف تل باشر وجميع القلاع التي أخذها. وقال أبو شامة (٢): لما عاد كيكاوس إلى بلده من كسر الأشرف له بحلب اتهم أقوامًا من أمراء دولته أنهم قصروا في قتال الحلبيين فسلق بعضهم في القدور وجعل آخرين في بيت وأحرقهم فأخذه الله بغتة فمات فجأة سكرانا. وقيل: ابتلى في بدنه فتقطع. وكان أخوه علاء الدين كيقباد محبوسا في قلعة وقد أمر بقتله فبادر الأمراء فأخرجوه وأقاموه في الملك. وكانت وفاة كيكاوس في شوال من هذه السنة، وهو الذي أطمع الفرنج في دمياط.


(١) ورد هذا الخبر في الكامل، جـ ١٠، ص ٣٩١. ص ٣٩٣؛ الذيل على الروضتين، ص البشر، جـ ٣، ص ١١٩.
(٢) الذيل على الروضتين، ص ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>