للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السمت والوقار والدين والفقة، وأول ولايته القضاء في سنة ست وثمانين وخمسمائة، وعزل في رجب سنة أربع وتسعين وخمسمائة، فأقام ثماني سنين قاضيًا ثم أعاده ابن مهدي في سنة ثلاث وستمائة، ثم عزل في سنة إحدى عشرة وستمائة، فكانت ولايته الأخيرة تسع سنين وشهور، وتوفي في ذي القعدة وصلى عليه بالنظامية ودفن بالشونيزية. سمع الحديث من أبيه أبي المظفر الحسين بن أبي الحسين أحمد قاضي القضاة، ومن عمه أبي الحسن على قاضي القضاة، ومن أبي الفتح بن الميداني وغيرهم.

ابن العتبري (١)، أبو الحسن علي بن أحمد بن روح، القاضي المعروف بابن العتبري، كان نائبا عن القضاة ببغداد، وصحب أبا النجيب السهروردي وتفقه عليه، وقرأ العربية على ابن القصار، وكان شيخا كيسًا فاضلا متواضعًا، وكانت وفاته في رمضان. ومن شعره:

وقد كنت أشكوك الحوادث بُرهة … واستمرض الأيام وهي صحائح

إلى أن تغشتني وقيت حوادث … تحقق أنّ السالفات مَنائح

نجاح بن عبد الله (٢)، شرابي الخليفة، ويلقب نجم الدولة مملوك الإمام الناصر، مات في هذه السنة وكان جوادًا سمحا عاقلا دينًا، كثير الصدقات حسن المحضر، محسنًا إلى العلماء محبًا للمساكين، معظما لأهل الدين، وكان يأخذ للضعيف من القوى. وكان يسمى سلمان دار الخلافة، وكان ملازمًا للخليفة لا يغيب عنه ساعة واحدة، وكان أسمر اللون جميل الصورة فحلاً. ولما توفي في هذه السنة أمر الخليفة أن لا يتخلف عن جنازته أحد لا وزير ولا غيره، وصلى الخليفة عليه تحت التاج وحزن عليه حزنًا كبيرًا، وأخرج تابوته من باب البدرية، ومشى العالم بين يديه إلى جامع القصر، وكان بين يدي جنازته مائة بقرة، وألف شاة، ومائة قوصرة تمر، ومائة جمل على رؤوسهم الخبز، وعشرون حمالا على رؤوسهم ماء الورد، ومماليكه قد حزّوا شعورهم ولبسوا المسوح، والضجيج والبكاء قد ملأ بغداد، ولم ير في الإسلام مثل ذلك اليوم،


(١) الذيل على الروضتين، ص ١١٠.
(٢) مرآة الزمان، جـ ٨، ٣٩٤ - ٣٩٥، الكامل، جـ ١٠، ص ٣٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>