كتاب عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان [565 - 628 هـ]

سنة ٦١٦ - ذكر استيلاء الفرنج على دمياط - ج: 4 - ص: 13

الكامل بعساكره ورحل إلى أشمون طناح، فأقام بها مديدة، ثم رحل إلى المنزلة التي قبالة طلخا (١) على رأس بحر أشمون ورأس بحر دمياط، وخيم هنالك وبني الناس الآدر (٢) والفنادق والحمامات والأسواق، وسميت المنصورة وكان كذلك.

ولما استولى الفرن على دمياط سيروا كل من وجدوه فيها إلى عكا في المراكب، ورحلوا ونزلوا قبالة المنصورة، ونازلوا الكامل وبينهم بحر أشمون وبحر دمياط (٣).

وقال ابن (٤) كثير: وفي هذه السنة توجه الملك المظفر محمود صاحب حماة إلى مصر ومعه الطواشي (٥) مرشد المنصوري بعسكر نجدة الملك الكامل بمصر، وذلك بعد أن حَلَّف والده الملك المنصور الناس بأن يكون الملك المظفر ولي عهده، فسار الملك المظفر بإذن والده الملك المنصور فوصل إلى الكامل، وأكرمه وأنزله في ميمنة عسكره، وهي منزلة أبيه وجده في الأيام الصلاحية، وبعد أن توجه الملك المظفر ماتت والدته ملكة خاتون بنت الملك العادل. قال القاضي جمال الدين بن واصل: وحضرت العزاء وكان عمرى اثنتي (٦) عشرة سنة، ورأيت الملك المنصور وهو لابس الحداد على زوجته المذكورة، وهو ثوب أزرق وعمامة زرقاء، وأنشدته الشعراء المراثي، فمن ذلك قصيدة قالها حسام الدين الكردي، منها في لبس الملك المنصور الحداد:

ما كنت أعلم أن الشمس قد غربت … حتى رأيت الدجي مُلْقَى على القمر

لو كان من مات يفُدْي قبلها لَفدَى .... أم المظفر آلاف من البشر (٧)

---

(١) طلخا: وتكتب طلخاء، وهي موضع بمصر على النيل المفضي إلى دمياط، معجم البلدان، ج ٣، ص ٥٤٣.
(٢) الأدر: جمع دور وهي مساكن الحريم السلطانية، وهي نوات بساتين ومناخات للحيوانات البديعة والأبقار والأغنام والطيور. انظر: صبح الأعشى، ج ٣، ص ٣٧١ - ص ٣٧٢.
(٣) وردت هذه الأحداث بتصرف في الكامل، ج ١٠، ص ٣٧٥ - ص ٣٧٧؛ الذيل على الروضتين، ص ١١٦ - ص ١١٧؛ مفرج الكروب، ج ٤، ص ٣٢ - ص ٣٣؛ المختصر في أخبار البشر، ج ٣، ص ١٢٢؛ نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ٨٧ - ص ٨٩، ص ٩٤ - ص ٩٥؛ البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٩١؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٩٦.
(٤) بالبحث في ابن كثير، البداية والنهاية لم نجد هذا الخبر، وإنما ورد في مفرج الكروب، ج ٤، ص ٦٤ - ص ٦٥.
(٥) الطواشي: والجميع طواشية، وهم خدام السلطان. انظر: صبح الأعشى، ج ٥، ص ٤٥٦.
(٦) "اثنى" كذا في الأصل، وما أثبتناه هو الصحيح لغة.
(٧) ورد هذان البيتان في مفرج الكروب، ج ٤، ص ١٦ - ص ٦٧.