للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابه عليهم، فأجابوا بالسمع والطاعة، وقالوا: نتمثل أمره بحسب الاستطاعة. وتجهزوا، فلما حل ركابه بالساحل ووقع التقاعد عن الأماثل، وكانوا معذورين لأن لكل مقام مقالًا، وللحرب رجالًا، وكان تقاعدهم سببا لأخذه الثُمن والخمس من أموالهم [٣٩٤]، والمؤاخذة على أفعالهم، وكتب إلى: إذا لم يخرجوا فسر أنت إلى وأقدم علينا. فخرجت إلى الساحل وهو نازل على قيسارية (١)، فأقمنا حتى فتحها عنوة، ثم سرنا إلى النهر (٢) ففتحه وهدمه، وعاد إلى دمشق بعد أن أخرب بلاد الفرنج (٣).

وفي تاريخ (٤) ابن العميد: وفي سنة خمس عشرة وستمائة نزلت الفرنج على دمياط في حياة الملك العادل في ثالث ربيع الأول، وأقاموا في بر الجيزة مقابل دمياط، فخرج الملك الكامل إليهم بعساكره، ونزل في بر دمياط قِبالتهم، وبحر النيل بين الفريقين، وجرت وقائع وحروب كثيرة في البر والبحر، ثم دخلت سنة ست عشرة وستمائة وهم في بر الجيزة، وفيها خرجت الفرنج بجموعهم ورجعت على دمياط وحاصروها أشد حصار، وملكوا بر دمياط، فرحل الكامل ونزل قريبا منهم، وجرت وقائع وحروب شديدة، وركبت الفرنج لقتال المسلمين، فتلقاهم الكامل بعساكره وكسرهم وأسرهم جماعة كثيرة من ملوكهم وكنودهم (٥)، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وبعث الملوك والكنود والأسرى مكبلين بالحديد إلى القاهرة [٣٩٥] ثم بعد ذلك استولوا على دمياط وأحدقوا بها برا وبحر، ومنعوا عنها الميرة، وهلك أهلها من الجوع والوباء، ووقع فيهم الفناء، ومات أكثر أهلها، ولم يبق بها من المقاتلة إلا قليلا، فزحف الفرنج عليها وملكوها وأسروا من وجدوه بها، وذلك يوم الثلاثاء لخمس بقين من شعبان من سنة ست عشرة وستمائة. وكانت مدة الحصار عليها ستة عشر شهرًا واثنين وعشرين يوما. ولما ملكت الإفرنج دمياط تأخر


(١) قيسارية: بلد على ساحل بحر الشام تعد في أعمال فلسطين، وقيسارية أيضًا مدينة كبيرة عظيمة في بلاد الروم، معجم البلدان، ج ٤، ص ٢١٤.
(٢) النقر: كذا في الأصل، والمثبت من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٩٧، حيث ينقل عنه العيني.
(٣) إلى هنا توقف العينى عن النقل من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٩٧.
(٤) أخبار الأيوبيين، ص ١٠ - ص ١١.
(٥) كنود - كنت: مفردها كند وهو كبير الفرنج لغناه وأملاكه الواسعة. معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي، ص ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>