للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن أبي حدرد الذي أحزنه ما حدث منه تجاه ذلك المسكين يقول:

"فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبروه الخبر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما كان فيكم رجل رحيم" (١). أما كان فيكم رجل رحيم فالله غني عن تلك الدماء .. الإسلام غني عنها .. ومحمَّد بريء مما حدث .. أما فيكم رجل رحيم يمنع حدوث ذلك المشهد المؤلم الذي لم يكن من المفترض حدوثه .. والنبى - صلى الله عليه وسلم - لم يبعث هذه السرية لإرغام الناس على الإسلام .. والقائد المسلم يحتاج إلى إعادة النظر كثيرًا والتفكير أكثر قبل اتخاذ قرار بقسوة قرار خالد بن الوليد رضي الله عنه .. فالرحمة هي التي جعلت النبي - صلى الله عليه وسلم - يحجم عن قتل الأسرى في بدر رغم تاريخ بعضهم الأسود ضده وضد أصحابه وأين هؤلاء من أسرى بدر .. والرحمة هي التي جعلت النبي عليه السلام يعفو عن صناديد قريش فما بالك في أناس أبرياء أرادوا أن يقولوا أسلمنا فقالوا صبأنا .. أي صبأنا من دين قومنا .. فما بالك برجل عاشق لا ناقة له ولا جمل فيما يحدث .. كان الأمر شديدًا على النبي - صلى الله عليه وسلم - .. لكنه لم يكتف بالحزن فقط .. لقد مضى الأمر وأصبح تاريخًا ولم يعد بالإمكان فعل شيء تجاه ذلك سوى الحزن ومحاولة التعويض ولو ماديًا .. حيث اتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - قرارًا بدفع تعويضات للمتضررين عن ذلك الذي أحدثه تسرع خالد وحماسه فقد قال - صلى الله عليه وسلم - "أما كان فيكم رجل رحيم .. فداء الإثنين بالواحد" (٢).

ودفعت التعويضات من قائد الدولة الكبرى والوحيدة التي تكاد تسيطر على كل الجزيرة العربية لأهل المقتولين خطأ .. فأدرك أولئك


(١) حديث صحيح وهو جزء من حديث النسائي السابق.
(٢) حديث صحيح وهو جزء من حديث النسائي السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>