كان الصحابة ينظرون إلى ذلك المشهد الفاجعة منهم الرافض له والمتكدر كعبد الله بن عمر وأصحابه .. منهم المندهش الذي فوجئ بما حدث .. والصحابة بشر يخطئون ويصيبون لكن ما هو تقييم الإسلام لهذه المصيبة .. وما هو موقف النبي - صلى الله عليه وسلم - من فعل خالد ومن أطاع خالدًا ..
دفنت المعشوقة ودفن العاشق وبقية القتلى وعاد الصحابة إلى المدينة مثقلين بالهموم والتساؤل .. ولما وصلوا قال ابن عمر رضي الله عنهما "ذكرنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: اللَّهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد مرتين"(١).
لم يكن الدافع لهذه الأحداث هو التعطش للدماء وشهوة السيطرة والتوسع .. لكنها الغيرة على التوحيد والحماس المفرط الذي يطغى على لغة المنتصر غالبًا .. وهو أمر لا يمكن تبريره تحت أي عذر .. فهو خطأ من خالد وقد تولى النبي - صلى الله عليه وسلم - تحمل مسؤولية ذلك الخطأ .. ولم يتنصل من تبعاته بل لام أصحابه .. والنبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه البراءة من ذلك العمل الفظيع الذي استبيحت فيه دماء بريئة يؤيد احتجاج الشاب عبد الله بن عمر على تلك الحادثة وإنكاره على أميره في ساعة ليست من ساعات السلام والراحة .. بل في ساحة حرب يحتاج فيها القائد إلى الطاعة والامتثال من جنده أكثر من أي شيء آخر .. لكن الإنكار لا يعني الخروج على إمارة خالد والتمرد عليه أبدًا بل هو مجرد رد الأمير إلى الوحي والصواب الذي بعث به النبي - صلى الله عليه وسلم - .. فالأمير يظل بشرًا مهما بلغت عظمته ..
أما موقف النبي - صلى الله عليه وسلم - الرحيم تجاه ذلك العاشق وما حدث له فيحدثنا عنه ذلك الشاب الذي شارك في إيلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وتألم هو أيضًا مما اقترف ..