النفاق التي طال ركودها في وجه المؤمنين لعل وعسى أن تقوم حرب أهلية داخل المدينة يتم فيها طرد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المهاجرين لتعود الأصنام والجاهلية والخرافة فيتوج ابن سلول ملكًا عليها .. يقول جابر رضي الله عنه:"سمع ذاك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما بال دعوى جاهلية قالوا: يا رسول الله .. كسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار فقال: دعوها فإنها منتنة .. فسمع بذلك عبد الله بن أبي فقال فعلوها أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل .. فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام عمر فقال: يا رسول الله .. دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: دعه لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه .. وكانت الأنصار أكثر من المهاجرين حين قدموا المدينة ثم إن المهاجرين كثروا بعد"(١)
فأغاضت كثرتهم صدور المنافقين وتبنى زعيمهم مشروعًا لطردهم من المدينة وهو لا يستطيع ذلك مهما فعل والدولة الإسلامية أقوى من أن تتأثر بقول منافق .. لكن هذا القول يخلق نوعًا من العصبية المقيتة التي قد تستشري في المستقبل وتفسد قلوب كثير من الناس وتنحرف بنواياهم وجهودهم نحو زوايا ضيقة وحفر صغيرة جربها العرب آلاف السنوات قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - فما تقدموا شبرًا واحدًا ..
وقد وصل هذا التهديد لمسامع البى - صلى الله عليه وسلم - فقدم لأصحابه ولخلفائه وللزعماء من بعده درسًا في التعامل مع أقوال الخصوم من رعاياهم مهما كانوا .. وحطم عليه السلام أي حجة تبرر فيها السلطة التنكيل بمن تشاء لمجرد أنهم قالوا كلامًا يصادم سياستها أو يحتج على ممارسة من ممارساتها .. فها هي السلطة ممثلة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - تكذب مؤمنًا وهي تعلم أنه صدوق لأنه لم