هذه هي قصة النجاشي مع المهاجرين فما هي قصة الرشوة التي تحدث عنها ذلك الملك الطيب .. هدية الحبشة للإسلام .. وما معنى قوله:(ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه، ولا أطاع الناس في فأطيع الناس فيه)؟
ذلك أمر حدث بين أنهار الحبشة وأدغالها، تحدثنا عنه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فتقول: (إن أباه كان ملك قومه، وكان له أخ من صلبه اثنا عشر رجلًا، ولم يكن لأبي النجاشى ولد غير النجاشي، فأدارت الحبشة رأيها، فقالوا:
إنا إن قتلنا أب النجاشى وملكنا أخاه، فإن له اثني عشر رجلًا من صلبه فتوارثوا الملك لبقيت الحبشة عليهم دهرًا طويلًا لا يكون بينهم اختلاف، فعدوا عليه، فقتلوه، وملكوا أخاه، فدخل النجاشي لعمه حتى غلب عليه، فلا يدير أمره غيره، وكان لبيبًا، فلما رأت الحبشة مكانه من عمه قالوا: لقد غلب هذا الغلام أمر عمه، فما نأمن من أن يملكه علينا وقد عرف أنا قد قتلنا أباه، فإن فعل لم يدع منا شريفًا إلا قتله، فكلموه فيه، فلنقتله أو نخرجه من بلادنا فمشوا إليه فقالوا:
قد رأينا مكان هذا الفتى منك، وقد عرفت أنا قد قتلنا أباه، وجعلناك مكانه، وإنا لا نأمن أن تملكه علينا فيقتلنا، فإما أن نقتله، وإما أن تخرجه من بلادنا، فقال: ويحكم قتلتم أباه بالأمس، وأقتله اليوم، بل أخرجه من بلادكم، فخرجوا به، فوقفوه بالسوق، فباعوه من تاجر من التجار، فقذفه في سفينة بستمائة درهم أو بسبعمائة درهم .. فانطلق به، فلما كان العشي هاجت سحابة الخريف، فجعل عمه يتمطر تحتها، فأصابته صاعقة، فقتلته،