للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففزعوا إلى ولده، فإذا هم محمقين (١) ليس في أحد منهم خير، فمرج على الحبشة أمرهم، فقال بعضهم لبعض:

تعلمون والله أن ملككم الذي لا يصلح أمركم غيره للذي (٢) بعتم بالغداة، فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه قبل أن يذهب.

فخرجوا في طلبه حتى أدركوه، فردوه فعقدوا عليه تاجه، وأجلسوه على سريره، وملكوه، فقال التاجر:

ردوا علي مالي كما أخذتم مني غلامي، فقالوا:

لا نعطيك، فقال: إذًا والله أكلمه .. فقالوا: وإن.

فمشى إليه فكلمه فقال:

أيها الملك، إني ابتعت غلامًا فقبضوا مني الذي باعونيه ثمنه، ثم عدموا على غلام، فنزعوه من يدي، ولم يدروا علي مالي، فكان أول ما خبر من صلابة حكمه وعدله أن قال:

لتردون عليه ماله، أو ليجعلن غلامه في يده، فليذهبن به حيث شاء، فقالوا: بل نعطيه ماله. فأعطوه إياها، ولذلك يقول:

ما أخذ الله مني الرشوة فآخذ الرشوة منه حيث رد علي ملكي، وما أطاع الناس فيّ فأطيعهم فيه) (٣).


(١) الحمق: قلة العقل.
(٢) لا يصلح أمركم غير النجاشى الذي بعتم.
(٣) إسنادُهُ صحيحٌ، رواه ابن إسحاق ومن طريقه البيهقي (٢/ ٣٠١) وأحمدُ (الفتح الرباني (٢٠/ ٢٢٤) حدثني الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. وهذان الإسنادان صحيحان, الزهري إمام ثقة ثبت معروف، وأبو بكر تابعى ثقة فقيه عابد (التقريب ٢/ ٣٩٨) وعروة تابعى معروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>