ذلك هو النجاشى .. وتلك قصة تتويجه .. تتويج العدالة الحبشية .. ذلك الملك الأسمر نال شهادته من السماء بعد أن عدل بين شعبه .. نال شهادته قبل أن ينصف المسلمين .. لقد قال صلى الله عليه وسلم:(إن بأرض الحبشة ملكًا لا يظلم أحد عنده) قبل أن يصل أصحابه .. قبل أن يسمعوا عنه .. قبل أن يحكم بالحق. فلتهنأ الحبشة بسبقها .. فلقد أنصفت المسلمين من براثن مشركي قريش .. وآوتهم بعد أن ضاقت عليهم مكة.
في حين كانت يد قريش تمتد في حقد عجيب .. في تسلط حقير لتكمم الأنوف والأفواه .. وتمنع الهواء .. إنها تحسدهم على أرض يمشون عليها .. وتحسدهم على حصير يلقون عليه أجسادهم التي نخرها الترحال والشقاء .. ترى أي قلوب كانت تضمها أجساد المشركين حتى يركضوا خلف الراحلين .. ويدفعوا الرشوة لطرد هؤلاء الضعفة المساكين .. رجلان أرسلتهما قريش: عمرو بن العاص .. وعبد الله بن أبي ربيعة.
دعونا نستمع إلى أحدهما: عمرو بن العاص يقص علينا قصته .. وأثرها في نفسه .. بالطبع هي قصة الوجه البشع .. رسول قريش في تلك الأزمنة العصيبة على الإِسلام .. كيف كان يرى عمرو رحلته .. وماذا تكشف له بعد أن سمع ورأى ما حدث.