للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و (لما انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف عمد إلى نفر من ثقيف، هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم، وهم أخوة ثلاثة:

عبد ياليل بن عمرو بن عمير. ومسعود بن عمرو بن عمير. وحبيب ابن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف.

وعند أحدهم امرأة من قريش من بني جمح، فجلس إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدعاهم إلى الله، وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على الإِسلام، والقيام معه على من خالفه من قومه، فقال أحدهم:

هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسل. وقال الآخر:

أما وجد الله أحدًا يرسله غيرك. وقال الثالث:

والله لا أكلمك أبدًا، لئن كنت رسولًا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرًا من أن أرد عليك كلام، ولئن كنت تكذب على الله، ما ينبغي لي أن أكلمك. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عندهم وهو يئس من خير ثقيف) (١).

قام ولهيب الحزن في كبده .. قام وحاله تتفطر لها القلوب .. جوع وعطش وسير بالليل والنهار .. وأحزان تثيرها جدران مكة وطرقاتها .. تذكره بخديجة وأبي طالب .. ودعوة مطاردة .. وأتباع تتخطفهم أيدي الطغاة .. قام - صلى الله عليه وسلم - فالتفت إلى هؤلاء القساة لعل بقية من الإنسانية لا تزال عالقة في قلوبهم .. يرجوهم كتمان أمره حتى لا تشمت به قريش .. وتحمله من الضيم ما لا يطيق. قال لهم:

(إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني -كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبلغ قومه


(١) سيأتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>