للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأصبح صوت بمكة عاليًا يسمعون ولا يدرون من صاحبه:

جزى الله رب البيت خير جزائه ... رفيقين قالا خيمتى أم معبد

هما نزلاها بالهدى واهتدت به ... فقد فاز من أمسى رفيق محمد

فيال قصي ما زوى الله عنهم ... به من فعال لا تجازى وسؤدد

ليهن بنى كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد

سلوا أختكم عن شائها وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد

دعاها بشاة حائل فتحلبت ... عليه صريحًا صرة الشاة مزبد

فغادرها رهنًا لديها لحالب ... يرددها في مصدر ثم مورد

وأصبح صوت بالمدينة بين السماء والأرض يسمعون ولا يرون من يقوله) (١).

سمع شاعر الحياة الجديدة حسان بن ثابت تلك الأبيات، فهاجت


(١) رواه أبو نعيم في الدلائل -واللفظ له- (١/ ٣٣٧) والحاكم (٣/ ٩) والطبرانيُّ (مجمع الزوائد ٦/ ٥٨) وابن سعد (١/ ٢٣٠). قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وهو يعتبره صحيحًا لأسباب هي قوله:
إن نزول المصطفى-صلى الله عليه وسلم- بالخيمتين متواتر في أخبار صحيحة ذوات عدد، وإن الذين ساقوا الحديث على وجهه أهل الخيمتين من الأعاريب الذين لا يتهمون بوضع الحديث والزيادة والنقصان، وقد أخذوه لفظًا بعد لفظ عن أبي معبد وأم معبد، ومنها أنه له أسانيد كالأخذ باليد أخذ الولد عن أبيه والأب عن جده لا إرسال ولا وهن في الرواة، ومنها إن الحر بن الصباح النخعي أخذه عن أبي معبد كما أخذه ولده عنه، فأما الإسناد الذي رويناه بسياقه: الحديث عن الكعبين فإنه إسنادٌ صحيحٌ عال للعرب الأعاربة، وقد علونا في حديث الحر بن الصباح هذا ما قاله الحاكم رحمه الله. لكن هناك ملاحظات على قوله رحمه الله منها: أن الحديث حسن لكن ليس بهذا النص لشدة ضعف طرقه ... خاصة حديث الحر بن الصباح ففي سنده متهم.
ومنها: أن الشعر المذكور وأن قائله من الجن يحتاج إلى طرق أخرى تقويه لكن الحديث حسن برواية البيهقي والبزار اللتين ذكرهما ابن كثير في السيرة (٢/ ٢٥٨) وهي رواية مختصرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>