شاعريته، وأطلق الشعر يخطف ما لدى كفار قريش من فضائل ويحملها أنوارًا نحو مدينة الإسلام الجديدة:
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم ... وقدس من يسرى إليه ويغتدي
ترحل عن قوم فضلت عقولهم ... وحل على قوم بنور مجدد
هداهم به بعد الضلالة ربهم ... فأرشدهم من يتبع الحق يرشد
وهل يستوى ضلال قوم تسفهوا ... عمايتهم هاديه كل مهتدي
وقد نزلت منه على أهل يثرب ... ركاب هدى حلت عليهم
نبي يرى ما يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله في كل مسجد
وإن قال في يوم مقالة غائب ... فتصديقها في اليوم أو في ضحى
ليهن أبا بكر سعادة جده ... بصحبته من يسعد الله يسعد
ليهن بنى كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد
وبعد أن ودع - صلى الله عليه وسلم - أم معبد أحث السير وربما صادفه في مسيره آخرون .. فكان يواجه كل شخص بأسلوب مناسب .. فإن كان المار ممّن يخشى منه تسرب الأخبار .. تكفل أبو بكر بالإجابة. ولذلك يقول أنس رضي الله عنه:(أبو بكر شيخ يعرف، ونبي الله - صلى الله عليه وسلم - شاب لا يعرف، فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر، من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرجل يهديني السبيل، فيحسب الحاسب إنه إنما يعني الطريق، وإنما يعني سبيل الخير)(١) الذي يصل الدنيا بالآخرة، ويحطم الأبواب بينهما، فتشع أنوار الجنة في قلوب المؤمنين ودروبهم أينما حلوا أو ارتحلوا.
(١) حديث صحيح. وهو جزء من حديث طويل. رواه البخاري (٣٩١١).