للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فليستسق الرجل، وليؤمن القوم، ألا وفيهم الطاهر الطيب لذاته، ألا فغنمتم إذا ما شئتم وعشتم.

قالت رقيقة: فأصبحت -علم الله- مفؤودة، مذعورة، قد قف (١) جلدي، ووله عقلي، فاقتصصت رؤياي، فنمت في شعاب مكة، فوالحرمة والحرم، وإن بقي بها أبطحي، إلا قال: هذا شيبة ..

وتنامت عنده قريش، وانفض (٢) إليه من كل بطن رجل، فسنوا، وطيبوا، استلموا، وطافوا، ثم ارتقوا أبا قبيس، وطفق القوم يرفون (٣) حوله ما إن يدرك سعيهم مهله حتى قر لذروته، ما ستكفوا جنابيه، ومعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو يومئذ غلام قد يفع أو كرب- فقام عبد المطلب فقال: اللَّهم ساد الخلة (٤) وكاشف (٥) الكربة، أنت عالم غير معلم، مسول غير منحل (٦)، وهذه عبداؤك، وإماؤك بعذرات حرمك -يعني أمنة حرمك- يشكون إليك سنتهم (٧) التي أقلحت الظلف (٨) والخف، فاسمعن اللَّهم وامطرن غيثًا مريعًا مغدقًا.


(١) اقشعر.
(٢) انفض الجمع أي تفرقوا.
(٣) رف الطائر إذا حرك جناحيه حول الشىء يريد أن يقع عليه، والمراد أحاطوا وأحدقوا.
(٤) يقال للميت: اللَّهم اسدد خلته أي الثلمة التى ترك والفراغ الذي خلف.
(٥) مزيل.
(٦) أي أنك تعطي ولا يعطيك أحد.
(٧) السنة، الجفاف والقحط وقد جاء في الحديث الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - تعريف دقيق وجدير بالانتباه للسنة حيث يقول عليه الصلاة والسلام: "ليست السنة بأن لا تمطروا، ولكن السنة أن تمطروا ... وتمطروا ... ولا تنبت الأرض شيئًا" رواه مسلم وأحمدُ.
(٨) الظلف: الظفر المشقوق للبقرة والشاة والظبي وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>