ألم أقل إنه عمل أشبه بالمعجزات .. قبل شروق الشمس ينهضون .. يصلون .. ثم يستسقون لأهل المدينة .. يضعون لهم الماء في المسجد مسبلًا للعطشان وابن السبيل ولمن يمر أو يقيم في المسجد .. ثم يتوجهون كالحياة إلى خارج المدينة تهوي فؤوسهم وسواعدهم .. يحتطبون ويكدحون .. ثم يذهبون به إلى بيوتهم؟
لا .. بل إلى السوق حيث يمارسون البيع والشراء .. يبيعون الحطب ويشترون بثمنه طعامًا لأهل الصفة وللفقراء الآخرين .. هذا هو نهارهم سقاية .. وكدح .. بيع وشراء .. ثم صدقة طيبة يدخلون بها البسمة إلى قلوب إخوانهم المساكين .. فإذا جن الليل عليهم توجهوا إلى مدرسة الإِسلام ومنبع ثقافته .. إلى المسجد .. يقرأون القرآن .. ويتدارسون العلم ويصلون .. لا تدري أهم علماء .. أم عمال، أم عباد، أم تجار؟ ... إنهم الحياة إذا رسمها القرآن ونفثت فيها السنة .. إنهم العطاء بكل أبعاده وأعماقه وآفاقه .. إنهم الأنصار .. ولا تعرف الدنيا للأنصار مثيلًا ..
أما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد انطلق من جديد .. يكثف الشعور بالمساكين والفقراء.
انطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نحو الجميع بوحيٍ جميلٍ وجديد .. وحي يجعل من الإحساس بالفقر والفقراء عبادةً جديدةً .. الإِسلام من جديد يقدم للفقراء الهدايا والهبات والمشاعر .. فبعد أن مر شهر رجب من السنة الثانية .. وحل بعده شهر شعبان أصبح المؤمنون ينتظرون هذا الجديد الجميل الذي سيطل مع إطلالة هلال شهر رمضان القادم .. فرمضان هذه