للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحدث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه ذات يوم عن العلم والمال وأمرهم أن يحفظوا هذا الحديث فقال:

"وأحدثكم حديثًا فاحفظوه .. إنما الدنيا لأربعة نفرٍ:

"عبدٍ رزقه الله مالًا وعلمًا .. فهو يتقى فيه ربه .. ويصل فيه رحمه .. ويعمل لله فيه حقًا .. فهذا بأفضل المنازل.

وعبدٍ رزقه الله تعالى علمًا ولم يرزقه مالًا .. فهو صادق النية" .. يقول: "لو أن لي مالًا لعملت بعمل فلان، فهو بنيته فأجرهما سواء.

وعبد رزقه الله مالًا ولم يرزقه علمًا يخبط في ماله بغير علم .. لا يتقى فيه ربه .. ولا يصل فيه رحمه .. ولا يعمل لله فيه حقًا .. فهذا بأخبث المنازل.

.. وعبدٍ لم يرزقه الله مالًا ولا علمًا فهو يقول: لو أن لي مالًا لعملت فيه بعمل فلان .. فهو بنيته .. فوزرهما سواء") (١) .. لذلك فقد انطلق أهل الصفة نحو العلم .. وانطلق أغنياء الصحابة نحو العلم ونحو أهل الصفة وغيرهم من الفقراء ..

وانطلق الأنصار .. وتفجر كرمهم من جديد .. وفاح عبيرهم .. وتوهجت شمسهم نحو أهل الصفة والفقراء ..

ها هم يقومون بأعمال أشبه بالمعجزات .. أشبه بالخيال .. لأنهم ينجزونها كلها في اليوم والليلة .. وفي كل يوم وليلة .. يحدثنا عنهم أنس بن مالك فيقول: إنهم رجال (من الأنصار يقال لهم "القراء" فيهم خالي "حرام" يقرأون القرآن ويتدارسون بالليل يتعلمون، وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه في المسجد، ويحتطبون فيبيعونه، ويشترون به الطعام لأهل


(١) حديث صحيح. صححه الإمام الألباني في صحيح الجامع وصحيحي الترمذيُّ وابن ماجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>