ليلتين، كلتاهما عصمني الله تعالى منهما، قلت ليلة لبعض فتيان مكة -ونحن في رعاية غنم أهلنا- فقلت لصاحبي:
أبصر لي غنمي حتى أدخل مكة، فأسمر فيها كما يسمر الفتيان. فقال: بلى. فدخلت حتى إذا جئت أول دار من دور مكة، سمعت عزفًا بالغرابيل والمزامير. فقلت:
ما هذا؟ فقيل:
تزوج فلان فلانة، فجلست انظر، وضرب الله على أذني، فوالله ما أيقظني إلا مس الشمس، فرجعت إلى صاحبي، فقال:
ما فعلت؟ فقلت:
ما فعلت شيئًا. ثم أخبرته بالذي رأيت. ثم قلت له ليلة أخرى:
أبصر لي غنمي حتى أسمر بمكة. ففعل، فدخلت، فلما جئت مكة سمعت مثل الذي سمعت تلك الليلة، فسألت، فقيل:
فلان نكح فلانة، فجلست انظر، وضرب الله على أذني، فوالله ما أيقظى إلا مس الشمس، فرجعت إلى صاحبي فقال:
ما فعلت؟ قلت:
لا شيء. ثم أخبرته الخبر، فوالله ما هممت، ولا عدت بعدها لشيء حتى أكرمني الله بنبوته) (١).
(١) حديثٌ حسنٌ. رواه البيهقي (١/ ٣١٥) وابن حبان (زوائده ٥١٥) أبو نعيم (١٨٦)، من طريق ابن إسحاق، حدثي محمَّد بن عبد الله بن قيس بن مخرمة، عن الحسن بن محمَّد بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده علي، وقد قال ابن حجر رحمه الله في هذا الإسناد: إسناده حسن متصل ورجاله ثقات. =