للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حذيفة مر من هناك .. هناك حيث صادفه المشركون هو ووالده حسيل .. سألنا حذيفة عن أمر يستطيع إخبارنا به .. إنه ليس سرًا .. ما الذي منعك يا حذيفة من المشاركة في غزوة بدر .. فيجيب حذيفة رضي الله عنه قائلًا:

(ما منعني أن أشهد بدرًا إلا أنني خرجت أنا وأبي حسيل، فأخذنا كفار قريش، فقالوا: إنكم تريدون محمدًا، فقلنا: ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرف إلى المدينة ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرناه الخبر، فقال:

انصرفا .. نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم) (١) إنها إجابة بحجم محمَّد - صلى الله عليه وسلم - .. والتزام أعيى من يهتبلون ثمارًا ناضجة وغير ناضجة .. أعيى زعماء ودعاة ذوي نظرة آنية لا يرون إلا ما في رؤوسهم .. (نفي لهم بعهدهم) (٢) وهم المشركون الذين يعبدون الأصنام ويحاربون الله ورسوله وقد خرجوا لطمس التوحيد وسفك دماء الموحدين .. خرجوا لذبح نبي الإِسلام وتدمير دولته ومع ذلك (نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم) (٣) .. وإذا كان هذا هو حجم الاحترام للعلاقة - العهد مع الأعداء .. فكم هو حجمه بين المسلم وأخيه .. سؤال عرف الإجابة عليه حذيفة ووالده فانصرفا ..


(١) إسناده حسن .. رواه ابن أبي شيبة (٧/ ٣٦٣): حدثنا أبو أسامة، عن الوليد بن جميع، حدثنا أبو الطفيل، حدثنا حذيفة بن اليمان ... وهذا الإسناد حسن من أجل الوليد بن جميع وهو تابعي حسن الحديث ومن رجال مسلم (التقريب ٢/ ٣٣٣) وتلميذه هنا هو الثقة المثبت شيخ ابن أبي شيبة: حماد بن أسامة (التهذيب ٣/ ٢) وعامر بن واثلة صحابيّ صغير رضي الله عنه وهو آخر من مات من الصحابة.
(٢) حديث صحيح وهو الحديث السابق.
(٣) حديث صحيح وهو الحديث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>