للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودع النبي - صلى الله عليه وسلم - صاحبيه فانصرفا وهما ثقيلان لا يطيقان ذلك الوداع. تَوَجَّها والحزن إلى المدينة .. وتوجه - صلى الله عليه وسلم - إلى صحابته بعد هذا الدرس الذي تغلغل في أعماقهم وسرى في دمائهم .. وعاد - صلى الله عليه وسلم - إلى العمل من جديد .. فجعل - صلى الله عليه وسلم - لجيشه رايةً ولواءً .. والراية هي علم الجيش .. واللواء أصغر منها و (كانت رايته - صلى الله عليه وسلم - سوداء ولواؤه أبيض) (١) .. ورايته (كانت سوداء مربعة من نمرة (٢)) (٣).

وتحت هذه الراية نظم - صلى الله عليه وسلم - أصحابه صفوفًا أو صفًا .. لأن الله يحب ذلك {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (٤) .. متماسك وقوي ولذلك فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رأى خللًا في الصف سارع إلى تقويمه .. يحدثنا أبو أيوب الأنصاري عن ذلك فيقول:

(صففنا يوم بدر فندرت منا نادرة أمام الصف، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم فقال: معي .. معي) (٥) .. وجعل جزءًا منهم خلف الصفوف وفي أماكن مناسبة تمكنهم من مراقبة تحركات الأعداء .. وتقديم المعلومات


(١) حديثٌ حسنٌ. صحيح ابن ماجة (٢/ ١٣٣).
(٢) بردة من صوف.
(٣) حديث صحيح. صحيح أبى داود (٢/ ٤٩١) عدا قوله: مربعة.
(٤) سورة الصف.
(٥) سنده قوى. رواه أحمد (٥/ ٤٢٠) من طريق موسى بن داود وعبد الله بن المبارك حدثنا .. وأخبرنا ابن لهيعة حدثني يزيد بن أبى حبيب أن أسلم أبا عمران التجيبي حدثه أنه سمع أبا أيوب الأنصاري يقول: ... وهذا السند قد خلا من علة اختلاط ابن لهيعة لأن أحد تلميذيه هو ابن المبارك .. وشيخه يزيد بن أبي حبيب المصري ثقة فقيه من رجال الشيخين (التقريب ٢/ ٣٦٣) وقد سمع من التابعي المصري الثقة أسلم بن يزيد التجيبي (التقريب ١/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>