للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرحمن بن عوف بيده إلى أبي جهل .. قال معاذ: (سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحرجة (١) وهم يقولون: أبو الحكم لا يخلص إليه .. فلما سمعتها جعلته من شأني فصمدت نحوه، فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربةً أطنت (٢) قدمه بنصف ساقه، فوالله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها، وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي، فتعلقت بجلدة من جنبي، وأجهضني (٣) القتال عنه، فلقد قاتلت عامة يومي وإني لأسحبها من خلفي، فلما آذتني وضعت عليها قدمي ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها، ثم مر بأبي جهل وهو عقير معوذ بن عفراء، فضربه حتى أثبته وتركه وبه رمق) (٤).

تركه يشقى بآخر أنفاسه .. تدوسه الأقدام وتدوس زعامته ويكسوه التراب الذي طالما نثره في وجوه الضعفاء والمساكين .. هوى الطاغية الشرس الذي قضى أكثر من عشر سنين في محاربة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - .. في اضطهاد الفقراء وقتل العجائز والمسنين من المؤمنين .. هوى هذا الكافر على يد شابين صغيرين اقتحما ثأرًا لله ولرسوله وللمؤمنين .. وخيم الموت على أبي جهل والتهمت الصحراء ساقه .. خيمة من الموت ضربها الأنصاريان عليه .. فلم يبق منه سوى عينين زائغتين .. تضعفان كما سقط طاغوت آخر ..


(١) الشجر الملتف.
(٢) أطارت.
(٣) أي حال بينيه وبينه.
(٤) سنده صحيح. رواه ابن إسحاق ومن طريقه البيهقي (٣/ ٨٤) حدثني ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس، وعكرمة تلميذ ابن عباس تابعي ثقة مر معنا وثور بن يزيد الحمصي ثقة ثبت. انظر التقريب (١/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>