للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اسكت فقد أيدك الله تعالى. بملك كريم) (١) .. لا بشيطان رجيم .. لكن يا ترى أين الشيطان الرجيم من هذه الأحداث .. لا شك أنه بين صفوف المشركين يتلقى نصيبه من الهزيمة والذل .. أخبرنا عن ذلك ربنا وهو يقول: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٤٧) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٤٨)} (٢) لقد هرب إبليس .. رآه بعض المشركين وكل الذي أعرفه عنه في تلك المعركة أنه أغواهم ثم تبرأ منهم وفر كفأرٍ جبان من أرض المعركة وهو على صورة ذلك الرجل الذي طارد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطارد أبا بكر في طريق الهجرة إلى المدينة .. لقد كان إبليس في صورة "سراقة بن مالك" (٣) ولما تهاوت الأجساد من حوله وشخبت الدماء منها خاف أن يلقى المصير الذي لقيته تلك الجثث ففر .. وفر المشركون قبله .. تطايروا كالشظايا في الشعاب والجبال .. وانقشعوا عن أرض بدر .. وانقشع الغبار .. وهدأت الأنفاس .. تأمل - صلى الله عليه وسلم - ذلك المشهد .. وتأمل فرسانه من حوله .. فإذا الساحة صمت حزين ورهيب .. منظر لا يسر .. سبعون


(١) هو جزء من حديث أحمد عن علي وقد مر معنا وهو صحيح. انظر الفتح الرباني (٢١/ ٣٠) وسيرة ابن كثير (٢/ ٤٢٢).
(٢) سورة الأنفال: الآيتان ٤٧، ٤٨.
(٣) لم يأت ذلك بسند صحيح لكن هناك روايات متفرقة ضعيفة عن عروة مرسلًا عند ابن إسحاق (سيرة ابن كثير ٢/ ٣٨٦) وعنده أيضًا وعند البيهقي (٣/ ٥٢) بسند فيه جهالة وهو متصل، وعند الطبراني بسند ضعيف (٢/ ٤٣٣) وعند البيهقي بسند فيه انقطاع (٣/ ٧٨) وعند الطبري (٦/ ٢٦٥) بأسانيد ضعيفة ويصح من مجموع هذه الروايات ذكر إبليس وأنه كان في صورة سراقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>