للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جسدًا من قريش بلا حراك .. سبعون جسدًا من أبناء العمومة والعشيرة .. بلا أرواح .. ما الذي أوصلهم إلى هذه المأساة .. من هو الذي قادهم إلى هذه النهاية المخيفة .. إلى الهزيمة وإلى جهنم .. ؟ أبو جهل قادهم .. والشيطان أجج الشرك في نفوسهم .. أما يكفيهم ثلاثة عشر عامًا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. من حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورحمته وحرصه عليهم .. ؟ نهاية مخيفة تلك التي انتهى إليها أولئك السبعون .. لقد فر أصحابهم وتركوهم للشمس والغبار .. وتركوا مثل هذا العدد بين القيود والحبال .. سبعون أسيرًا يغشاهم الذل وتجللهم الهزيمة .. ها هو الشرير: عقبة بن أبي معيط مأسورًا .. وها هو أبو يزيد واسمه: سهيل بن عمرو مأسورًا أيضًا ..

وها هم الصحابة يستجيبون لأمر الله وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيكتفون بأسر العباس بن عبد المطلب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأسر ابن عمه عقيل بن أبي طالب لأنهم خرجوا كارهين لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: "من استطعتم أن تأسروا من بني عبد المطلب فإنهم خرجوا كارهين" (١) لكن لماذا لم ينه - صلى الله عليه وسلم - عن قتل أمية بن خلف وقد خرج كارهًا أيضًا .. ؟ السبب لا يحتاج إلى كثير من التفكير .. فأمية بن خلف كان من أشرس الناس على الإِسلام وأتباعه خاصة بلال بن رباح بعكس بني عبد المطلب .. ثم إن أمية لم يكن كارهًا لقتال المسلمين .. إنه يتمنى سحقهم وسحق نبيهم - صلى الله عليه وسلم - .. لكنه كان خائفًا على نفسه لأنه يدرك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ولا ولن يكذب ..


(١) رواه أحمد (١/ ٨٩) بسند حسن من أجل أبي سعيد شيخه وهو حسن الحديث من رجال البخاري (التقريب ١/ ٤٨٧) قال الحافظ: صدوق ربما أخطأ، ولعل الصواب أنه ثقة ربما أخطأ. انظر التهذيب وقد قال أبو سعيد حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي ... وهذا السند صحيح وقد مر معنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>