للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء أبو بكر وجاء عمر وجاء علي رضي الله عنهم .. ولما وقفوا أمامه - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: (ما ترون في الأسارى؟

فقال أبو بكر: يا رسول الله هم بنو العم والعشيرة، وأرى أن تأخذ منهم فدية تكون لنا قوة على الكفار، وعسى الله أن يهديهم للإسلام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما ترى يا ابن الخطاب؟ فقال: لا والذي لا إله إلا هو .. ما أرى الذي رأى أبو بكر يا نبي الله، ولكن أرى أن تمكننا منهم:

فتمكن عليًا من عقيل فيضرب عنقه .. وتمكن حمزة من العباس فيضرب عنقه .. وتمكنني من فلان -نسيب لعمر- فأضرب عنقه.

فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت -قال عمر- فلما كان من الغد، جئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هو وأبو بكر قاعدان يبكيان، فقلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاءً بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبكي للذي عرض لأصحابي من أخذهم الفداء، ولقد عُرض علي عذابكم أدق من هذه الشجرة .. -لشجرة قريبة من رسول الله- فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦٨) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ...} (١)) (٢).


(١) سورة الأنفال الآية: ٦٧ - ٦٩.
(٢) حديث صحيح. رواه مسلم وأبو داود والترمذيُّ وابن جرير في التفسير (٦/ ٢٨٧) واللفظ له .. من طريق عكرمة بن عمار حدثنا أبو زميل، حدثني عبد الله بن عباس وتلميذ عكرمة عند ابن جرير هو الثقة عمر بن يونس اليمامي وتلميذه شيخ ابن جرير أوثق منه وهو محمَّد بن بشار الشهير بـ (بندار). انظر التقريب (٢/ ٦٤) و (٢/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>