للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليهود ومن كان معهم من المشركين، فغدوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أصبحوا، فقالوا: إنه طرق صاحبنا الليلة وهو سيد من ساداتنا فقتل، فذكرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يقول في أشعاره وينهاهم به، ودعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يكتب بينه وبينهم وبن المسلمين عامة صحيفة كتبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت العذق الذي كان في دار ابنة الحارث) (١).

وتحول بذلك العهد والميثاق الشفهى إلى وثيقة مكتوبة تحد من خيانة هؤلاء اليهود ومن يتعاون معهم من المشركين أمثال عبد الله بن أُبي بن سلول وغيره من عباد الأوثان .. لقد أفحم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوم كعب بن الأشرف وأتباعه من يهود بني النضير وأذنابهم من المشركين حينما هرولوا يحتجون على اغتيال ذلك الخائن .. لقد أسمعهم - صلى الله عليه وسلم - قصائده التي تنخر في عظام المدينة كلها .. وكانت تلك القصائد تحرض على انفجار حرب أهلية تلون جدران المدينة بالموت والدماء .. تلك القصائد كانت تحرض قريشًا على التحالف مع اليهود ضد هذه الدولة الفتية .. ولا أعرف سببًا واحدًا يجعل كعبًا وغيره يقدمون على إثارة الفتن والدماء .. لقد عاملهم - صلى الله عليه وسلم - بكل لطف واحترام .. وجاء من أجل إنقاذهم من الكفر والشرك .. كان - صلى الله عليه وسلم - حليمًا حكيمًا في التصرف معهم رغم إساءاتم المتكررة له ولدينه ولأصحابه .. لقد سكت اليهود، عندما سمعوا تلك القصائد وكان في سكوتهم إدانة لهم .. لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشملهم بالعقاب إنما دعاهم إلى كتابة وثيقة عهد وصلح بينهم يأمن بعضهم شر بعض على أساسها .. ويُلزم كل طرف بعدم التعاون مع أطراف خارجية ضد أحد أطراف تلك الوثيقة ولو بالشعر فالشعر آنذاك هو الإعلام .. وافق بنو النضير على


(١) حديث صحيح مر معنا وقد رواه أبو داود والبيهقيُّ (٣/ ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>