للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: يستنزلونهم من حصونهم، وأمروا بقطع النخل فحاك في صدورهم، فقال المسلمون: قطعنا بعضًا، تركنا بعضًا، فلنسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل لنا فيما قطعنا من أجر؟ وهل علينا فيما تركنا من وزر؟ فأنزل الله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ}) (١) أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله .. هذا هو الإِسلام .. وهؤلاء هم المسلمون .. وهذه هي التربية الإِسلامية التي لا

تنحصر بين أروقة المساجد وجدران البيوت .. تربية تنتشر في كل اتجاه وتصاحب المؤمن في كل مكان وتحت أي ظرف .. في أوج الحروب وبين بريق السيوف والدماء يتوقف المسلمون ليسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صحة تصرفهم مع سحوق أو فسيلة نخل .. الإِسلام يربي أصحابه في التعامل مع كل شيء حتى مع جذوع النخل بعد أن أرشدهم إلى التعامل مع جذوع الخيانة وجذورها اليهودية.

غادر اليهود من بني النضير إلى الشام .. إلى غير رجعة .. غادروا يبحثون عن نبي غير عربي يأتيهم حسب رغباتهم ويأتيهم بما يرغبون .. وبقي منهم في المدينة من اختار الله ورسوله ودخل في الإِسلام مكرمًا بين حفاوة المؤمنين .. غادر اليهود فهدأت المدينة .. وعاد إليها المؤمنون بنصر جديد وفرح جديد .. وعاد عثمان إلى بيته فعاد الحنين إلى رقية .. شعر - صلى الله عليه وسلم - بشوق عثمان وحزنه .. لا بد أنه شعر .. ونبي الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكتفي بالشعور لمواساة المحتاجين إلى المواساة .. إنه يشع كالحب في المكان والإنسان ..


(١) رواه النسائي (تفسير ابن كثير- سورة الحشر): أخبرنا الحسن بن محمَّد بن عفان، حدثنا حفص بن غياث حدثنا حبيب بن أبي عمر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس .. وسعيد ابن جبير تابعى مجاهد وثقة معروف وحبيب وحفص بن غياث ثقتان من رجال الشيخين، التقريب (١/ ١٥٠ - ١٨٩) أما الحسن بن محمَّد بن عفان فالصواب هو: الحسن بن محمَّد عن عفان لأنه لا يوجد شيخ للنسائي بهذا الاسم .. وعفان ثقة وهو من شيوخ الحسن بن محمَّد الزعفراني والحسن هذا ثقة من شيوخ النسائي. انظر التهذيب (٧/ ٢٣٠، ٢/ ٣١٨ - ٤١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>