فقام سعد بن عبادة -وهو سيد الخزرج وكان رجلًا صالحًا، ولكن اجتهلته الحمية- فقال لسعد بن معاذ:
كذبت .. لعمر الله، لا تقتله، ولا تقدر على قتله "أما والله أن لو كانوا من الأوس ما أحببت أن تضرب أعناقهم".
فقام أسيد بن حضير -وهو ابن عم سعد بن معاذ- فقال لسعد بن عبادة:
كذبت .. لعمر الله، لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيان: الأوس والخزرج "حتى كاد أن يكون بين الأوس والخزرج شرٌّ في المسجد"، حتى همّوا أن يقتتلوا) (١).
تأزم الموقف .. ورقص الشيطان طربًا لما يحدث .. وتمايل قلب عبد الله ابن أبي بن سلول فرحًا بالمسافة التي وصلت إليها الأمور ..
كلمة واحدة .. لا دليل عليها ولا برهان سوى الكذب .. أوصلت الأمور إلى حد كادت السيوف أن تُسلّ .. والدماء أن تغرق المسجد ومن فيه .. وتلك الكلمات التي تفوّه بها سعد بن عبادة رضي الله عنه .. في دفاعه عندما اجتهلته الحمية .. تلك الكلمة التي قيلت دفاعًا عن رأس المنافقين وخبيثهم في ساعة غضب وحمية .. كانت كلمات خطيرة جدًا .. كانت مليئة بالدماء .. قالها أحد عظماء الإِسلام ورجاله السابقين .. ولا تقل عنها في الخطورة تلك الكلمات التي أطلقها أسيد بن حضير رضي الله عنه غضبًا لله ورسوله .. وهو من عظماء الإِسلام ورجاله السابقين كسعد بن عبادة .. لكنه غضب لله ورسوله غضبًا جعله يصف ابن عبادة بالنفاق.
(١) حديث صحيح رواه مسلم (٢٧٧٠) والزوائد للبخارى (٤٧٥٧).