للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«ربما» جعلوا «رب» مع «ما» بمنزلة كلمة واحدة وهيئوها ليذكروا بعدها الفعل؛ لأنهم لم يكن لهم سبيل إلى «رب يقول»؛ فألحقوها وأخلصوها للفعل (١). ومن ثم قال الخضراوي: «ربّما» عند سيبويه حرف يدخل على الفعل ويختص به.

ولا يدخل على الجمل الابتدائية (٢). وقال ابن أبي الربيع عند ذكر مباشرة «ما» لـ «ربّ» وأنها قد تكون زائدة وكافة: وأما إذا كانت «ما» كافة فإنها تصير حينئذ من الحروف الطالبة للجمل الفعلية؛ فلا يقع بعدها إلا الفعل ولا

يكون الفعل إلا ماضيا، ولا يكون إلا ظاهرا ولا يكون إلا مقدما؛ فتقول: ربما قام زيد، وربما ضربت عمرا، ولا تقول: ربما عمرا ضربته؛ إلا أن يأتي في الشعر فيقتصر على موضعه. ثم قال: إلا أن العرب تدخلها على المضارع فيصير ماضيا ثم إنه استطرد إلى ذكر الآية الشريفة وهي قوله تعالى: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا (٣)، وذكر فيها ما ذكره غيره من التقدير (٤)، وهو أن ذلك لمّا كان أمرا مقطوعا بوقوعه أخبر عنه مع كونه مستقبلا بما يخبر به عن الماضي كما قال تعالى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ (٥) ووَ إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ (٦) قال: فكان الأصل قوله تعالى: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا: ربما ودّ الذين كفروا، إلا أن العرب تحكي الماضي فيصير كأنه حال واقع فيخبر عنه إخبار الحال ومن هذا قوله تعالى: فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ (٧)، والإشارة لا تكون إلا لحاضر، فأشار إليها سبحانه على تقدير وجودها (٨). انتهى.

ومن جهة أن «ربما» لا يليها إلا الجمل الفعلية احتاج أبو علي في قول الشاعر:

٢٦٨٣ - ربّما الجامل المؤبل فيهم

إلى أن جعل «ما» نكرة موصوفة وجعل «الجامل» خبر مبتدأ محذوف والجملة الاسمية هي التي وصفت «ما» بها كما تقدم تقرير ذلك. وقد علمت أن المصنف يخالف ذلك، فيرى أن «ربما» يليها الجملة الاسمية كما تليها الجملة الفعلية؛ لأنه لم يكن في كلامه تعرض لما ذكره الجماعة من اختصاص «ربما» بالجمل الفعلية، -


(١) الكتاب (٣/ ١١٥).
(٢) التذييل (٤/ ٣٤، ٣٥).
(٣) سورة الحجر: ٢.
(٤) السابق (ص ٣٥).
(٥) سورة النحل: ١.
(٦) سورة المائدة: ١١٦.
(٧) سورة القصص: ١٥.
(٨) الأشموني (٢٠/ ٢٣٠، ٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>