للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ قَلِيلِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ، وَوَنِيمِ الذُّبَابِ، وَالْأَصَحُّ لَا يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ، وَلَا عَنْ قَلِيلٍ انْتَشَرَ بِعَرَقٍ، وَتُعْرَفُ الْكَثْرَةُ بِالْعَادَةِ الْغَالِبَةِ. قُلْت: الْأَصَحُّ عِنْدَ المُحَقِّقِينَ الْعَفْوُ مُطْلَقًا، وَاَللهُ أَعْلَمُ. وَدَمُ الْبَثَرَاتِ كَالْبَرَاغِيثِ،

(و) يعفى في الثوب والبدن والمكان (عن قليل دم البراغيث) لا جلدها وفي معناها -في كل ما يأتي- كل ما لا نفس له سائلة (وونيم) أي ذرق (الذباب) كبوله وبول الخفاش وروثُهُ -رطبها ويابسها- في الثوب والبدن والمكان، نعم مرّ أن ذرق الطيور يعفى عنه في المكان فقط (والأصح لا يعفى عن كثيره)؛ لندرته (ولا عن قليل انتشر بعرق، وتعرف الكثرة) والقلة (بالعادة الغالبة) معْتَبِراً الزمان والمكان، فيجتهد وجوبا إن تأهل وإلا رجع إلى عارف يجتهد له كالقبلة، نعم لا يرجَّح هنا بكثرة ولا أعلمية؛ لأن الأصل القلّة، ولذا لو شك في شيء أقليل أو كثير فله حكم القليل، (قلت: الأصح عند المحققين العفو مطلقا (١) بالنسبة لنحو الصلاة -لا لنحو ماء قليل لم يحتج لمماسته له فينجس به وإن قلّ- (والله اعلم) وإن كثر منتشرا بعرق أو جاوز البدن إلى الثوب أو طبّق الثوب، نعم محل العفو هنا وفيما مرَّ ويأتي حيث لم يختلط بأجنبي، فإن اختلط بأجنبي لم يعف عن كثيره، والأجنبي هو ما لم يحتج لمماسته، فخرج ماء طهر وشرب وتنشف احتاجه وبصاق في ثوبه كذلك وماء بلل رأسه من غسل تبرد أو تنظف، ومماس آلة نحو فصاد من ريق أو دهن، وسائر ما احتيج إليه ولو ندر كاختلاط دمّ جرح الرأس عند حلقه ببلل شعره أو بدواء وضع عليه، ولو لبس ثوبا فيه دم نحو براغيث وبدنه رطب تنجس إن لم يحتج لتلك الرطوبة وإلا فلا، ومحل العفو أيضا إن كان في ملبوسٍ أن لا يَتَعَمَّد إصابته له وإلا كأن قتل قملا في بدنه أو ثوبه فأصابه منه دم، أو كأن حمل ثوبا فيه دمّ براغيث مثلا أو صلى عليه لم يعف إلا عن القليل، نعم لما لبسه زائدا لتجمل أو نحوه حكم بقية ملبوسه فيعفى حتى عن كثيره.

(ودمّ البثَرات) وهي خراجات (٢) صغيرة (كالبراغيث) فيعفى عنه حيث لم يعصر مطلقا؛ للابتلاء بها، ويشترط هنا أيضاً أن لا ينتقل عن محله وإلا لم يعف إلا عن قليله، نعم


(١). ومن ذلك السائل الذي من المعدة الخارج من الفم فيعفى عنه من ابتلي به في الثوب وغيره وإن كثر كما ما مرَّ في النجاسات ١/ ٢٩٥.
(٢). جمع خراج وهو ورم يخرج بالبدن من ذاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>