للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ بَلَغَهُ مُرِيدًا لَمْ تَجُزْ مُجَاوَزَتُهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ الْعَوْدُ لِيُحْرِمَ مِنْهُ إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ، ..

(وإن بلغه مريدا) للنسك ولو في العام القابل (١) مثلا -وإن أراد إقامة طويلة (٢) ببلد قبل مكة- (لم تجز مجاوزته) إلى جهة الحرم غير ناوٍ العود إليه أو إلى مثله (بغير إحرام) أي بالنسك الذي أراده، ولذا لو قصد الإحرام بالعمرة وحدها عند المجاوزة فأحرم بالحج وحده أو العكس لزمه دم كما لو كان قاصدا الإحرام بالحج عند المجاوزة فأحرم بالعمرة ثم أدخله عليها بعدُ (٣)، نعم لو لم يطرأ له قصده إلا بعد مجاوزته فلا دم. هذا كله إن أمكن ما قصده وإلا كأن نوى الحج في العام القابل تعينت العمرة، وأما إذا جاوزه مريدا العود إليه أو إلى مثل مسافته قبل التلبس بنسك في تلك السنة فإنه لا يأثم بالمجاوزة إن عاد بخلاف ما إذا لم يعد. وخرج بقولنا إلى جهة الحرم ما لو جاوزه يمنة أو يسرة فله أن يؤخر إحرامه لكن بشرط أن يحرم من محل مسافته إلى مكة مثل مسافة ذلك الميقات، وبه يُعْلم أن الجائي من اليمن في البحر له أن يؤخر إحرامه من محاذاة يلملم إلى جدة; لأن مسافتها إلى مكة كمسافة يلملم بخلاف الجائي فيه من مصر; لأن كل محل من البحر بعد الجحفة أقرب إلى مكة منها إلى مكة، وبه يعلم أيضا أن مثل مسافة الميقات يجزئ العود إليها وإن لم تكن ميقاتا (٤). ولو كان ميقاته على مرحلتين من مكة فسلك طريقا لا ميقات لها وجاوز مسيئا وقدر على العود إلى ميقات فيكفيه ذلك أو العود إلى مرحلتين بخلاف ما لو عدل عن ميقات منصوص فلا يجزئه العود إلى مثل مسافته (٥) وإلا لم يكن للتعيين معنىً، (فإن فعل) بأن جاوزه مريدا بلا إحرام ولو جاهلا (لزمه العود) ولو محرما، أو (ليحرم منه)؛ تداركا لإثمه أو تقصيره. ولا يتعين العود إلى عينه بل يجزئ إلى مثل مسافته حتى لو أخَّر إحرامه عمَّا أراده فيه بعد الميقات أجزأه العود إليه أو إلى مثل مسافته; لأنه ميقاته، وإنما لم يذكر الناسي هنا؛ لأنه لا يتأتى أن يجاوز الميقات مريدا للنسك وهو ناسي; لأن العبرة في لزوم الدم وعدمه بحاله عند آخر جزء من الميقات، وحينئذ فالسهو إن طرأ عند ذلك الجزء فلا دم أو بعده فالدم (إلا إذا) كان له عذر كأن (ضاق الوقت) عن


(١). خلافا لهم.
(٢). مقتضاه وجوب الإحرام على من مر بذي الحليفة مريدا للنسك مع إنشاء السفر إلى غير جهة الحرم كجدَّة وخالفه الشهاب الرملي.
(٣). خلافا لمقتضى صنيعهما.
(٤). وفاقا للنهاية وخلافا للمغني وشرح المنهج.
(٥). وفاقا للمغني وشرح المنهج وخلافا للنهاية فاعتمد إجزاء مثل المسافة مطلقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>