للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَصَدُوا مُزْدَلِفَةَ وَأَخَّرُوا المَغْرِبَ لِيُصَلُّوهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ جَمْعًا، وَوَاجِبُ الْوُقُوفِ حُضُورُهُ بِجُزْءٍ مِنْ أَرْضِ عَرَفَاتٍ، وَإِنْ كَانَ مَارًّا فِي طَلَبِ آبِقٍ وَنَحْوِهِ بِشْرْطِ كَوْنِهِ مُحْرِمَاً أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ لَا مُغْمًى عَلَيْهِ، وَلَا بَأْسَ بِالنَّوْمِ، وَوَقْتُ الْوُقُوفِ مِنَ الزَّوَالِ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَالصَّحِيحُ بَقَاؤُهُ إلَى فَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ، فَلَوْ وَقَفَ نَهَارًا ثُمَّ فَارَقَ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَعُدْ أَرَاقَ دَمًا اسْتِحْبَابًا،

(فإذا غربت الشمس) جميعها (قصدوا مزدلفة) على طريق المأزمين -أي الجبلين- وعليهم السكينة والوقار مكثرين من التلبية وكذا في الذهاب من مزدلفة لمنى إلى خروج الإمام لصلاته، ومر أن التكبير سنة لغير الحاج ما لم يتحلل (١)، ومن وجد فرجة أسرع، (وأخروا) أي من يجوز لهم القصر (المغرب) ندبا (ليصلوها مع العشاء بمزدلفة جمعا) أي جمع تأخير؛ للاتباع. ويسن بعد صلاة المغرب (٢) إناخة كل جمله ثم يعقله ثم يصلون العشاء ثم يحلون؛ للاتباع، ثم يصلون الرواتب والوتر، هذا إن ظنوا وصولها قبل مضي وقت اختيار العشاء وإلا صلوهما بالطريق، (وواجب الوقوف حضوره بجزء من أرض عرفات)؛ لخبر مسلم ((وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف))، ولا يشترط فيه مكث ولا قصد بل لو قصد غيره لم يؤثر، ومن ثم أجزأ (وإن) لم يعلم أن اليوم يوم عرفة ولا أن المكان مكانها، ولو (كان مارَّا في طلب آبق ونحوه بشرط كونه محرما أهلا للعبادة لا مغمى عليه) وسكران وإن لم يتعدَّ و مجنون (٣) كذلك؛ إذ لا أهلية فيهم للعبادة، نعم يقع لهم نفلا، (ولا بأس بالنوم) المستغرق كما في الصوم، (ووقت الوقوف من الزوال) أي عقبه (يوم عرفة)؛ للاتباع (والصحيح بقاؤه إلى فجر يوم النحر)؛ لما صح أنه -صلى الله عليه وسلم- قال حين خرج للصلاة يوم النحر بمزدلفة ((من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه (٤) (فلو وقف نهارا ثم فارق عرفة قبل الغروب ولم يعد) إليها قبل فجر النحر، أو وقف ليلا فقط (أراق دما) وهو دم الترتيب والتقدير (استحبابا)؛


(١). خلافا للقفال؛ إذ عنده الحاج كغيره في سنية التكبير.
(٢). خلافا للنهاية من أن ذلك بعد الصلاتين جميعا.
(٣). وفاقا للأسنى والمغني وفرق الرملي بين المجنون والمغمى عليه.
(٤). التفث في المناسك ما كان في نحو قص الأظافر والشارب وحلق الرأس ورمي الجمار ونحر البدن ونحو ذلك، تاج العروس.

<<  <  ج: ص:  >  >>