للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَقَلُّهُ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ حَلْقًا أَوْ تَقْصِيرًا أَوْنَتْفَاً أَوْ إحْرَاقًا أَوْ قَصًّا، وَمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ اسْتَحَبُّ إمْرَارُ المُوسَى عَلَيْهِ، فَإِذَا حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ دَخَلَ مَكَّةَ وَطَافَ طَوَافَ الرُّكْنِ، وَسَعَى إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى ثُمَّ يَعُودُ إلَى مِنًى، وَهَذَا الرَّمْيُ وَالذَّبْحُ وَالحَلْقُ وَالطَّوَافُ يُسَنُّ تَرْتِيبُهَا كَمَا ذَكَرْنَا، وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِنِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ،

(وأقله) ثنتان أو واحدة إن لم يكن غيرهما أو غيرها، وإلا فـ (ثلاث) أو جزء من كل من ثلاثة لا أقل (شعرات) من شعر الرأس وإن استرسل وخرج عن حده ولو على دفعات؛ لقوله تعالى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} الفتح: ٢٧ أي: شعرا فيها، وتكفي الشعرة والشعرتان إن لم يكن برأسه غيرها أو غيرهما (حلقا) أي استئصال الشعر بالموسى أي بحيث لا يظهر منه شيء لمن هو في مجلس التخاطب (أو تقصيرا) والمراد الأخذ من الشعر بمقص أو غيره (أو نتفا، أو إحراقا، أو) الأخذ منه بالمقص المسمى (قَصَّا)، أو غيرها من سائر وجوه الإزالة؛ لأنها المقصود. ولو نذر الذكر التقصير لم يتعيّن أو الحلق تعين، ثم إن قال نذرت حلق رأسي فالكل، أو الحلق أو أن أحلق كفى ثلاث شعرات. ويجري ذلك في نذر غير الذكر التقصير المطلوب، (ومن لا شعر برأسه) من الذكور (استحب) له (إمرار الموسى عليه) إجماعا؛ تشبها بالحالقين، ولذا لو كان ببعض رأسه شعر سن إمرار الموسى على الباقي أي سواء أحلق ذلك البعض أم قصره (فإذا حلق أو قصر دخل مكة) ضُحَىً (وطاف طواف الركن) ويحصل بطواف الوداع (١). ويسن عقبه أن يشرب من سقاية العباس من زمزم؛ للاتباع (وسعى) بعد الطواف؛ لوجوب الترتيب بينهما فورا ندبا (إن لم يكن سعى) بعد طواف القدوم كما هو الأفضل (٢) (ثم يعود إلى منى) بحيث يدرك أول وقت الظهر بمنى حتى يصليها بها؛ للاتباع، ولذا فهي بها أفضل منها بالمسجد الحرام. ورواية مسلم أنه -صلى الله عليه وسلم- ((صلى الظهر بمكة)) محمولة على أنه صلاها بها أول وقتها ثم ثانيا بمنى إماما لأصحابه. (وهذا الرمي والذبح والحلق والطواف يسن ترتيبها كما ذكرنا) في الوقت الذي ذكرنا؛ للاتباع، فإن خالف صح لإذنه -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، (ويدخل وقتها) أي ما ذكر -إلا الذبح- لمن وقف بعرفة (بنصف ليلة النحر)؛ لصحة الخبر به في الرمي وقيس به غيره.


(١). كما ذكره الشارح عند كلامه على وقت الطواف والسعي والحلق.
(٢). وفاقا للمغني وخلافا للنهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>