للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَكَانَهُ قَبْرِي وَجعله بَعضهم تَفْسِير لبيتي قَالَه زيد بن أسلم. (١)

وممن ذهب إلي القول الثاني: ابن رجب فقال: وأما علم النفس بما تكسبه غداً، وبأي أرض تموت .... فهذا على عمومه لا يعلمه إلا الله. وأما الاطلاع على بعض أفراده، فإن كان باطلاع من الله لبعض رسله، كان مخصوصاً من هذا العموم، كما أطلع النبي -صلى الله عليه وسلم- على كثير من الغيوب المستقبلة، وكان يخبر بها … ومن ذلك إخباره -صلى الله عليه وسلم- أنه مقبوض من مرضه. وقد روي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة. وهو دليل على أنه علم موضع موته ودفنه. وقد روي عنه أنه قال: لم يقبض نبي إلا دفن حيث يقبض. (٢)

وقال أبو المحاسن جمال الدين المَلَطى الحنفي: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة لأن الله تعالى اختصه بأن أعلمه ما أخفي عمن سواه من الأرض التي يموت فيها حتى أعلم بذلك أمته في قوله: ما بين قبري ومنبري روضة. إخبار عن أمر محقق مشاهد له لا عن أمر سيصير كذلك فاندفع بذلك ما يقال لا يلزم منه علم موضع قبره ولأن قوله: ما بين بيتي ومنبري. في رواية وفي رواية بين قبري ومنبري يدل على أن بيته قبره فافهم. (٣)

وقَالَ الآجُرِّيّ: اعْلَمُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ مَيِّتٌ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ يُدْفَنُ فِي بَيْتِهِ بَيْتِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُدْفَنَانِ مَعَهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ. وَقَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: مَا بَيْنَ بَيْتِ عَائِشَةَ وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ. وَقَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: مَا قَبَضَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَبِيًّا إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ قُبِضَ. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ يُدْفَنُ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَسَتَأْتِي مِنَ الْأَخْبَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى عِلْمِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَبْلَ وَفَاتِهِ أَنَّهُ يُدْفَنُ فِي بَيْتِهِ بَيْتِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُدْفَنَانِ مَعَهُ. (٤)


(١) يُنظر "عمدة القارئ" للعيني ٧/ ٢٦١.
(٢) يُنظر "فتح الباري" لابن رجب ٩/ ٢٧٢، ٢٧١.
(٣) يُنظر "المعتصر من المختصر من مشكل الآثار" ١/ ٨.
(٤) يُنظر "الشريعة" ٥/ ٢٣٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>