للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَلِكَ فِي عَصْرِ التَّابِعِيْنَ وَتَابِعِيْهِم.

قلت: وقد اتفق العلماء علي ثبوت رؤية أَبو الطُّفَيْلِ للنبي -صلى الله عليه وسلم-، لكنهم اختلفوا في سماعه من رَسُوْلَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-. ومما يدل علي ثبوت رؤية أَبو الطُّفَيْلِ للنبي -صلى الله عليه وسلم-: ما أخرجه مسلم في صحيحه عن مَعْرُوفُ بْنُ خَرَّبُوذَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ، يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ مَعَهُ وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ. (١) وقال أَبو الطُّفَيْلِ: أَدْرَكْتُ مِنْ حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ثَمَانِ سِنِيْن.

وأما سماعه من رَسُوْلَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فمن العلماء من أثبت له السماع، ومنهم من توقف.

فقال ابن معين: سهل بن سعد، وعبد الرحمن بن أَزْهَر، والسائب، ومحمود بن الرّبيع، وَأنس بن مَالك، وَابْن أبي صعير، وَأَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة: هَؤُلَاءِ رووا عَن النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- وروى عَنْهُم الزُّهْرِيّ سَبْعَة أنفس. وقال ابن عدي: له صحبة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد روى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قريباً من عشرين حديثاً ولو ذكرت لأبي الطفيل ما رواه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لطال الكتاب. وقال ابن حجر: رأى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وهو شابّ، وحفظ عنه أحاديث. وقال ابن عبد البر: روي عن النبي أربعة أحاديث. وقال الحاكم: وسئل محمد بن يعقوب الأخرم: لم ترك البخاري حديث أبي الطفيل؟ قال: لأنه كان يُفرط في التشيع. قلت ـــــ الباحث ـــــ: وهذا يدل علي أن البخاري لم يترك إخراج حديثه لعدم سماعه من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما لسبب آخر كما ذكره. وقال ابن خراش: هو من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال مسلم: له صحبة، وهو آخر من مات من الصحابة. وذكره ابن قانع، وأبو نعيم، وابن عبد البر في الصحابة. وقد ذكره ابْن أبي خيثمة فِي شعراء الصحابة. وقال ابْنَ مَعِينٍ: رَأَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، وقال أبو بكر بن هلال: وقد أدرك أبو حنيفة من الصحابة أيضاً عبد الله بن أبي أوفى، وأبا الطفيل عامر بن واثلة وهما صحابيان. وقال أبو إسحاق الشيرازي: قد كان في أيام أبي حنيفة أربعة من الصحابة، أنس بن مالك، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبو الطفيل، وسهل بن سعد.

وقال ابن السكن: رُوي عنه رؤيته لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- من وجوه ثابتة، ولم يُرو عنه من وجه ثابت سماع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لصغره. وقال العلائي: آخر الصحابة موتا له رؤية مجردة وفي معجم الطبراني الكبير روايته عن زيد بن حارثة وهو مرسل لم يدركه. وقال الدارقطني: أَبُو الطُّفَيْلِ رَأَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَصَحْبَهُ، فَأَمَّا السَّمَاعُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وقال أحمد: ثقة، وقال العجلي: ثِقَة، وَكَانَ من كبار التَّابِعين وَقد رأى النَّبِي -صلى الله عليه وسلم-، وقال ابن عبد البر: كان ثقة مأموناً. وَقال الذهبي: كَانَ ثِقَة فِيمَا يَنْقُلُه، صَادِقاً، عَالِماً، شَاعِراً، فَارِساً، عُمِّرَ دَهْراً طَوِيْلاً، وَشَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ حُرُوْبَهُ. وحاصله أنه "صحابي". (٢)


(١) أخرجه مسلم في "صحيحه" ك/ الحج ب/ جَوَازِ الطَّوَافِ عَلَى بَعِيرٍ وَغَيْرِهِ، وَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ بِمِحْجَنٍ وَنَحْوِهِ لِلرَّاكِبِ (١٢٧٥).
(٢) يُنظر "كلام ابن معين في الرجال" رواية ابن طهمان ١/ ٧٥، "الثقات" للعجلي ٢/ ١٥، "معجم الصحابة" لابن قانع ٢/ ٢٤١، "الثقات" ٣/ ٢٩١، "الكامل" ٦/ ١٦١، "العلل" للدارقطني ٧/ ٤١، "معرفة الصحابة" لأبو نعيم ٤/ ٢٠٦٧، "الاستيعاب" ٤/ ١٦٩٦، "منازل الأئمة الأربعة" لأبو زكريا يحيى بن إبراهيم السلماسي ١/ ١٦٧، "أسد الغابة" ٤/ ١٤٣، "السير" ٣/ ٤٦٧، "جامع التحصيل" ١/ ٢٠٥، "الإكمال" ٧/ ١٥٢، "الإصابة" ١٢/ ٣٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>