وانتصب (ليتاً) لأنه تمييز، وهذا من باب ما نقل الفعل عنه، كأن الأصل: وجع ليتني وأخدعي، فلما شغل الفعل عنهما بضميره أشبها المفعول فنصبهما. ومثله: تصببت عرقاً، وقررت به عيناً.
وقوله (وأذكر أيام الحمى ثم أنثني) يقول: وأتذكر أوقاتي بالحمى لما كان من أسباب الوصال تساعد، وبين دورنا ودور الأحبة تقارب، وللتراسل إمكان، ومع الحبيب في الوقت بعد الوقت تلاق واجتماع، ثم أنعطف على كبدي وأقبض عليها مخافة تشققها، وخروجها من مواضعها، شوقاً إلى أمثالها، وحسرة في إثر منقطعها. وقد ذكر هذه الأبيات أبو عبد الله المفجع رحمه الله، في حد الغزل من كتابه المعروف بالترجمان، فنذكر بيتين منها في (باب الصبابة) ، وهما:
حننت إلى ريا ونفسك باعدت
وفما حسن أن تأتي الأمر طائعاً
وقال في تفسيرهما:(يقول: الحرب بينك وبين قومك تمنعك من قربها ولقائها) . وذكر مع البيتين قول عنترة:
علقتها عرضاً وأقتل قومها ... زعماً لعمر أبيك ليس بمزعم
ثم جاء إلى (باب الحنين) ، فذكر ما في الأبيات،
وأذكر أيام الحمى
ووليست عشيات الحمى برواجع
وبكت عيني اليمنى
الأبيات، وقال في تفسيرها: هذا كان مجروراً لأحبابه وهم منتجعون بجنوب الحمى فنشأت عين - والعين: سحابة تجيء من ناحية القبلة - فنشأت من عين يسار القبلة، فارتاع لذلك، وخشى الفرقة إذا اتصل الغيث، فذلك معنى قوله: بكت عيني