من حاضر وباد، فامتثل الأمر العالي، وفعل ذلك مدة عشرين يوماً على التوالي، ثم أمره ببيع الماء من دون تسبيل، ففعل ذلك عشرة أيام من البكرة إلى الأصيل، مع كونه أجل العلماء، وأفضل الفضلاء في الأماكن البغدادية، والنواحي العراقية، ثم بعد مدة رأى الأستاذ عليه لوائح الإسعاد، وأمر في باطنه أن يخلفه في مكانه وأن يفوض إليه أمر الإرشاد، وأكثر خلفاء بغداد سلكوا أولاً على يديه ورباهم، ثم خلفهم حضرة الأستاذ وحباهم، وكان حضرة الشيخ قدس سره يثني على المترجم أحسن الثنا، ويقول بأنه وصل إلى غاية درجة الفنا، وأنه من جملة أفراد لا يوجد لهم نظير، إلا في حلقة شاه نقشبندي ذي القدر الكبير، وناهيك بهذه الشهادة من هذا السيد ذي المكارم، الذي لا تأخذ في الله لومة لائم، وله من الخوارق والكرامات أشياء كثيرة، معروفة في محلة شهيرة، كما ذكر ما يدل على ذلك صاحب المجد التالد. ولم يزل المترجم يترقى في درج الكمال، ويكرع كؤوس الصفا من دنان الجمال، إلى أن دعاه داعي المنون إلى من أمره بين الكاف والنون، وذلك في سنة ألف ومائتين وزيادة على الأربعين.